Skip to main content

الفصل الثاني من روايتي " كرمالك"

الرواية كاملة


جلست نورا ولم تلمح نظرات الفزع والرعب المسددة نحوها من قِبَل ميشال.. السيدة الفرنسية تشعر بالرعب والهلع ما إن جلست بجوارها تلك الشابة ذات الغطاء الأخضرعلي رأسها..ألوان زيها صريحة وجريئة مما يدل علي أن هذه الشابة جريئة ولا تعرف للخوف طريقا..  ميشال خبيرة في الأزياء بحكم عملها وتعلم أنه ثمة علاقة خفية بين ما يرتديه المرء وما يفكر به.. وتجزم أن هناك خط واصل بين ما يلبسه المرء و الطريقة التي يتصرف بها بحسب طباعه وما يؤمن به.. هكذا تعلمت ميشال وهكذا تفكر.. وهكذا ازداد رعبها من تلك الشابة التي ستظل رفيقة رحلتها الطويلة من مصر إلي فرنسا.
يا إلهي.. خمس ساعات من الخوف والترقب.. ربما ترتدي تلك الفتاة حزاما ناسفا تحت تلك التنورة الطويلة وربما أخرجت مسدسا من جيب سترتها الجانبي لتطلب من الجميع أن يشهروا إسلامهم أو يُقتَلون..هذا فوق الإحتمال!.. آخ لو كان لديك سيناريو معين أو فكرة مسبقة عن شئ ما ، حتما ستجد عقلك بكل الوسائل وبلا وعي يؤكد لك الفكرة ويصنع مشاهد وحكايات وربما مواقف كي تؤكد ظنونك وتسترسل في أفكارك حتي لو لم تكن أفكارا لها أي أساس من الصحة.. حاولت ميشال أن تطلب من المضيفة تغيير المقعد قبلما تقلع الطائرة.. ولكنها تراجعت عن تلك الفكرة السخيفة بعدما وجدت أن الطائرة مكتظة بالناس عن آخرها، كما أن الطائرة تعج بنساء أخريات بأغطية للرأس.. فلا جدوي من تغيير المقعد والجلوس بمقعد آخر بجوار فتاه أخري ترتدي غطاء للرأس.
يا إلهي.. كم أنا بلهاء كي أختار تلك الرحلة!.. ماذا كان ليحدث لو كنت إخترت رحلة أخري فلا أحتاج أن تكون طائرتي ترانزيت في بلد إسلامي؟..  مصر ليست بلد إسلامي ولكنها بلد مليئة بهؤلاء.. بهؤلاء الزومبيز ممن يلبسون أغطية الرأس وتنورات طويلة.. وبدون أن تشعر.. فلتت من أفكارها إمتعاضة زارت شفتيها وهي تنظر إلي نورا التي تجلس في المقعد المجاور.
نورا بعينين محدقتين للنافذة تطل علي آخر ما ستطلع عليه عيناها من الوطن قبل أن تقلع الطائرة.. فجأة.. تذكرت نورا أنها وعدت والدتها أن تهاتفها قبلما تنطلق الطائرة.. انتفضت نورا بمجرد أن تذكرت.. وبحركة سريعة وعصبية مدت يدها لتخرج جوالها من جيب التنورة الأيمن..وياللمفاجأة، لم تجد الهاتف!.. ياللهول هل سقط الهاتف منها في المطار؟؟؟ أم بجانب المقعد؟؟ هنا أم هناك ؟ أم في صالة المطار؟ كيف ستطمئن والديها الآن؟ سيظنون أنه أصابها مكروه بلا شك.وبحركة أكثر عصبية مدت يدها في الجيب الآخر.. لكن قبل أن تستقر يدها في جيب التنورة ارتطمت أصابعها المتشنجة جراء الصدمة  بجانب السيدة الشقراء الأيمن والقابعة في المقعد المجاور.. انتفضت ميشال في فزع ... صلُبَت علي نفسها ..تمتمت ببعض الهمهمات غير المسموعة.. لم تفهم منها نورا أي شئ.. لكن نورا همًت بالإعتذار للسيدة التي أشاحت بوجهها عنها.. رددت نورا في تردد وبصوت نصف مسموع وبإنجليزية لكنتها جيدة:" آسفة سيدتي.. لم أقصد..".
 تابعت نورا  علامات الخوف علي وجة ميشال.. تابعت عينيها المغلقتين في خوف.. ويديها الملصقتين طوليا مع بعضهما بعصبية وكأنها تؤدي الصلاة.. ياللهول ..أبهذه السرعة تبدأ المغامرات؟
هاهو ذاك الهاتف اللعين ..في جيب تنورتها الآخر..التقطت هاتفها من جيب تنورتها الأيسر واتصلت بأمها في مكالمة سريعة خاطفة وأنهت المكالمة :
"لا إله إلا الله يا أمي"...وما إن سمعت ميشال ذاك المقطع " الله" وتسمرت في مكانها ..أنفاسها تبدو أعلي صوتا..صدرها يتحرك صعودا و هبوطا  بسرعة البرق ..نورا تنظر بإستغراب و فضول... ثم بعد دقيقة قررت أنه لا يجب أن يستمر هذا أكثر من ذلك..نظرت نورا بعينيها الخضراوين الهادئتين لميشال في حنو و عطف..
وسريعا ربتت علي كتفها في هدوء.. ففتحت ميشال عينيها وكأنها أفاقت من إغماءة أو موتة قصيرة لتجد هذا الملاك الباسم ماثل أمام عينيها...لحظة.. ياربي إنه ليس ملاكا.. لا أجنحة ولا سماء ولا شئ..إنه تلك الفتاه الجالسة في الجوار..وهي سليمة لم يصبها مكروها البتة ..وتلك الفتاة ذات الغطاء علي رأسها تنظر لها بعينين بهما أطنانا من الحنان.. وثغر باسم و بإنجليزية سليمة متقنة قالت لها:" اسمحي لي سيدتي.. هل أنت بخير ؟ يمكنني أن استدعي المضيفة إن أردت؟".
لوهلة لم تصدق ميشال ما تراه.. ولكن وجدت لسانها يردد بلا وعي.." أنا بخير.. أنا فقط أهاب الطائرات..  سأكون بخير حينما تقلع الطائرة".
المضيفة تمر بالصدفة بجوار مقعديهما.. فنادتها نورا وطلبت منها بالعربية كوب  من الماء للسيدة الفرنسية وطلبت شيئا آخر.. لم تفهم السيدة الفرنسية ولم تكن تع كل ما يقال.. وكأنها في حلم..ربما كابوس!.
فاستجابت المضيفة بإبتسامة وبعد دقيقة أتت بالكوب  ومعه الاسبرين..وقطعة علك.
نظرت إليها نورا وقالت:" اسمي نورا.. طلبت من المضيفة كوبا من الماء وأقراص للصداع وقطعة علك.. كلها أشياء ستساعدك علي الإسترخاء وستخفف من حدة خوفك.. اخبريني كيف أستطيع مساعدتك؟".
أجابت ميشال بشئ من التردد:" لا عليك.. أنا بخير.. شكرا لك".
وتناولت الكوب وارتشفت منه ما يعادل نقطة ماء ثم أخبرت المضيفة أنها لا تريد علكا ولكنها ستحتفظ بالأسبرين ربما احتاجته لاحقا، وشكرت المضيفة ثم رمقت جارتها بنظرة أقرب للشك منها للشكر..

نورا كانت بالذكاء الكافي لتعلم ما يعتمل في نفس السيدة ميشال.. إنفجارات باريس كافية للفصل في هذا الأمر..
لينك الرواية كاملة
من هنا

Comments

الأكثر قراءة

رواية زبيدة الفصل الرابع.. بناقص!

بناقص ------ ربما هو صباح يوم جديد، وربما كان نذير خير أن الدكتور حاتم جبريل وافق للوساطة بين عائلة زبيدة أو حسام وبين الدكتور سميح عبد المقصود تحت ضغط ابنته مريم صديقة زبيدة المقربة والمتيمة بحسام شقيق زبيدة والذي يصغرها بثلاثة أعوام كاملة !  من قال أن قصص الحب لها ناموس و ربما كان هذا الدافع الوحيد والخفي وراء موافقة مريم مساعدة زبيدة وعائلتها، الأمر يتعلق بمستقبل حسام بالكلية ناهيك عن أن سمعة سميح عبد المقصود كفيلة إن شابت أمرا فيظهر لك الطرف المظلوم دون تفكير، حبها لحسام كان دافعها، وكي تقنع أبيها بالفكرة كان الأمر يحتاج لبعض الدهاء والحيلة وتقديم المصلحة قبل كل شئ، فاستطاعت أن تقنع والدها أن مساعدة  حسام من باب تقديم السبت حتي يجدوا الأحد أمر لا خيار فيه، وإلا من -غير زبيدة- سيحول لهم الدولارات التي أرسلها عمها خالد بسعر أعلي من سعر البنك؟ ..   نعم كان هذا الاتفاق غير المكتوب بين مريم وزبيدة وبحكم عمل زبيدة في أحد شركات الصرافة العريقة بالطبع كان من السهل إقناع مدير الشركة بشراء واستبدال الدولارات مقابل حفنة إضافية من الجنيهات ولم ي...

جارتي تاجرة الحشيش..قصة قصيرة

لم تعد تحت طائلة القانون حتي و إن كانت تاجرة حشيش بحكم قانون الولاية التي نعيش فيها ، قوانين عجيبة تبيح الإتجار  بالمخدرات وترخص المجون و الفحش..وأصبح كل منا علي الأقل لديه جار شاذ جنسيا أو يتجر بالمخدرات..لن ألوم قوانين التعايش . كانت ضخمة الجثة ..لها هيبة ..صوتها كصرير الباب في أذني ..السجائر في فمها كالعلكة في فم فتاة تعشق السكاكر..عبارات السب و اللعن تجري علي لسانها كما يجري اللعاب..طيلة عامين لم تبادلني التحية ولم ترفع عينها لعيني وكأني "بحجابي" كومة قمامة! وطالما هذا هو الحال ..فلم أبادر أبدا بإلقاء التحية أو ما شابه من عبارات " صباح الخير" و" مساء الخير" المعهوده بين جيران البناية..وكأننا اتفقنا ألا نتفق ..وبمرور الوقت صار خوفي منها في زياده خصوصا بعدما رددت جارتي الأوروبية أن جارتنا هذه من الأمريكان العنصريين المتغطرسين وتفتقر للذوق ، حيث أمرت بناتها بالإنصراف عن بنات الأوروبية" التي تتحدث الإنجليزية الركيكة" لأنهما ليستا أمريكيتان مثل بناتها ..هكذا نهرت الفتاتين أمام أمهما دون أن يرمش لها جفن..ناهيك عن زوار الليل كل مساء أمام...

الفصل الأول والثاني من روايتي " كرمالك"

كِرمَالك رابط الرواية كاملة من هنا الرواية كاملة علي كندل و تطبيق كندل رابط الرواية كاملة من هنا إهداء إلي روح أبي الغالي..أحبائي زوجي الغالي وأولادي وأمي الحبيبة .. كل من علمني وكل من ألهمني ساهم في كتابة هذه الكلمات ورتب معي السطور والحكايات.. الرواية المقدمة إليكم قد تتشاب ه فيها الأحداث والأشخاص والأماكن بالحقيقة..فقط أردت أن تبدو حقيقية قدر المستطاع، وكل ما ابتغي أن أقوله.. مهلا لكل من ترك دينه وهويته وولي..مهلا لكل من يتشكك في ربه بغير علم ولا هدي ولا كتاب منير .. شكر خاص صديقتي نبال سمارة ، سارة محمود الفهرس 1- مطار القاهرة. 2-الإرهابية.. 3-مرآة المستقبل. 4-لا آكل الخنازير. 5-عقدة الإنجليزية. 6-توحدي. 7-العما بعيونك... 8- سألوني عن حجابي 9- تزوج طفله! 10-هذا رجلي 11-ديما 12-صدفة 13-كرمالك 14-كندرجارتن 15-أحبك 16-سيفيك بلازا 17-حادثة أورلاندو 18-ورود الود 19-أحمر شفاه 20-الزوج المفقود 21-هل أنت داعشية؟ 22-القيثارة 23-بلا ولا شيء 24-أنت صلعاء 25-أبغض ا...

طارق الندي " قصه قصيره". رومانسيات ، فانتازيا

طارق الندي"فانتزيا" فبراير   2008 أفتقدك يا طارق ..مر زمن طويل ولم تلتقِ أعيننا ولم تسمع أذناي لحن صوتك..نعم لصوتك نغم في أذني وله وقع في نفسي يحكي لي قصة عتاب طويل ..أتذكر حين قابلتك أول مره ونحن بالصف الأول بالجامعه ؟ أتذكر كيف كنت تحاول لفت إنتباهي وتتنظر أيما فرصه كي تتجاذب أطراف الحديث معي. ولا أعلم وقتها لِم لَم ألق لك بالا وحتي شهور لا أفهم لم كنت ترتبك وتتصبب حبات العرق عن جبينك لو رأيتني أمام ناظريك ..كنت أستغربك حينا وأتلذذ بإضطرابك حينا. أتذكر يوم ظهور النتيجة بعد إمتحان نصف العام ؟ كم جذب إنتباهي ثقتك بنفسك وانت تخبرني أن تقديرك العام جيد جدا بينما أنا أخبرك و أنا أولول علي نتيجتي ذات التقدير المتواضع كم شعرت وقتها اني ضئيله صغيره أو ربما قزم بُعث أمام العملاق الكبير ليقص عليه حكاية المساء ويذهب في خفر وحياء بعدما علم أن العملاق لم يعد مهتما لأمره . لم أكن لأقبل منك عبارات المجامله السمجه التي ألقيتها علي مسامعي وقتها ..لم أكن لأقبل شفقتك وعبارة " إن شاء الله تقديرك المره الجايه يبقي أعلي ...انتبهي إنت بس". من أنت لتنبهني لأنتبه ؟ أو تع...

لا تكتئب من فضلك!"عن الاكتئاب تقنيات وحلول".

"هل ستؤدي بي الأمومة للطبيب النفسي؟" قالتها السيدة نانسي، التي تعاني من الاكتئاب الحاد لطبيبها النفسي د. ديفيد بيرن، في أولى جلساتها معه.. فسألها الدكتور بيرن: "ما شكواكِ؟"، فقالت: "أنا أُم سيئة! أنا لا أستحق أن أكون أُماً من الأساس!". فسألها بيرن: "ولِمَ؟"، فقالت: "ابني درجاته متدنية جداً وأنا السبب.. أنا أُهمله". فسألها بيرن: "وما تعريفك للأم السيئة؟". فقالت: "الأم التي تمارس العنف ضد أطفالها". فقال: "وهل تمارسين العنف ضد ابنك؟". فردّت نانسي: "بالطبع لا"، فقال الطبيب: "إذن لِمَ تصفين نفسك بذلك؟". فقالت: "لأنني.. لا أعرف.. ربما شعوري بالعجز والتقصير هو ما يُملي عليَّ ذلك". فقال: "فلنتفق إذن على أنه ليس هناك شيء اسمه أم سيئة، أما الأمهات اللاتي يمارسن العنف ضد أطفالهن فلديهن مشاكل أخرى، فلنقُل إنك أُم مقصرة وفي الحقيقة الكل مقصر.. الجميع ينقصه شيء ما.. أو فلنقُل الجميع يجتهد"، فقالت: "لست مجتهدة بما يكفي"، فسألها: "ألا تعدين له الطعام يومياً...

عزيزتي لا تكوي قميص زوجك ..احرقيه

عزيزتي لا تكوي قميص زوجك..احرقيه! تابَعت خبر زواجه بإهتمام وهي التي اتخذته رفيقا لها لتسع أعوام تخللتها علاقات عابره مع رجال آخرين، ولما قرر هو الزواج اتخذ لنفسه زوجه محبه مخلصه أخري  بينما اكتفي برساله صوتيه لها يخبرها بموعد الزفاف وطلب منها حضور الحفل كأشبينه لعروسه، الأمر الذي فجر غضبها وجعلها علي أهبة الاستعداد لتدمير هذا الحفل وهذا الزواج بكل طريقة ممكنه .. وبعد محاولات مستميه للوقيعه بين العروسين باءت كل محاولاتها بالفشل ..فما كان منها إلا إن استسلمت للقدر و اعترفت بخطأها وباركت الزواج في النهايه ..المفارقه العجيبه هنا أنه لم يشك أحدهم أبدا في نوايا جوليان أو  " جوليا روبرتس" الصديقه المخلصه لمايكل أو "ديرموت مولروني" ولم يكتشف أحدهم ألاعيبها الدنيئه لإنهاء زيجة صديقها من حبيبته الجديده كيمي أو " كاميرون دياز" في فيلم " زواج صديقي العزيز" أو My Best friend’s wedding هذا الفيلم الذي عرض في التسعينات من القرن الماضي ولقي نجاحا ساحقا والفيلم يعكس لنا واقع نعيشه الآن والذي أصبح أسهل مع إنتشار و رواج الشاشات ومواقع التواصل الإجتماعي ...