Skip to main content

هل يعاملنا الله مثل أبي؟..أسئله وجوديه

عدنا من مصر بعد الإجازة الصيفية ولم يتوقف عقلي عن التفكير: "لمَ تغيّر سلوك ابني الأكبر؟ لماذا لم نعد أصدقاء كما كنا؟".
لم أستطِع انتزاع كلمات أخي الأصغر من رأسي ونصيحته ما زالت تجول في عقلي جيئة وذهاباً وهو يقول: " يا شامة.. ابنك رغاي.. سيبيه يتكلم ويعبر عن نفسه".
كيف يقول لي هذا وأنا الأم المتفرغة تماماً لرعاية أبنائي وتربيتهم وأبذل قصارى جهدي؛ كي أساعدهم أن يكونوا ناجحين، حتى وقت فراغي أقضيه في قراءة ما يساعدني في تربيتهم؟
ولكني حينما جلست ونفسي أستعيد التفاصيل وأحاول لملمة الأمور، وجدت أنني فعلاً أسعى أن أستذكر لهم دروسهم، ولكني لا أشاركهم ألعابهم.. أطعمهم ما ينفعهم، وأكره الحلوى التي تسعدهم، أجتهد حتى تصبح الرياضة جزءاً من مهامهم اليومية، ولكني لا أسعى في تنمية مواهبهم وهواياتهم.. أقرأ القرآن على مسامعهم، ولكني لا أعلمهم كيف يحبونه.. أعلمهم الخوف من الله ولا أعلمهم كيف يلجأون إليه، مع أني لو فعلت لوفرت على نفسي الكثير من العناء.
حاولت استدراك خطئي، وما زلت أحاول أن أشبع فراغ أرواحهم بالمزيد من أوقاتنا معاً، ولكم هالني ما سمعت بعد عدة محاولات فاشلة لم أستطِع فيها أن أصل إلى ما يُعتمل في نفس صغيري حتى قمت بمحاولة أخرى يائسة فعلتها أخيراً، مدفوعة بقوة اليأس.
ذهبنا معاً إلى متجره المفضل؛ كي نبتاع بعض الحلوى اللذيذة ولا أذكر كيف بدأ الحديث، وفي العادة أتركه يثرثر، ولكني أصررت هذه المرة على ألا أقاطعه، وأقول له جملتي المعتادة: "اتكلم عربي يا حبيبي" التي ربما هي الجملة التي أرددها كل مرة؛ كي يُبتر كل حديث بيننا، وطبعاً دون أن أقصد.
ثم التفت لي في حدة وقال بنبرة أقرب إلى اليأس: "أنت تقولين لي إن الله طيب، إذن لم يبتلينا؟ وتقولين الله يغفر؟ إذن لم يعاقبنا؟ وتقولين هو كريم؟ إذن لمَ عطاؤه قليل أو لم يعطِنا الأشياء ثم لا يلبث أن يسلبها منا وكأنه تذكر ذنوبنا فقرر أن يعاقبنا بها مجدداً؟ وكأن الله مثل أبي لا ينسى الذنوب ولا يرضيه الإحسان، فيبتلينا مهما فعلنا من الطيبات!".
ورغم أن ما تردد على لسان صغيري أعدّه كفراً وربما خللاً عقائدياً قد يكون بسبب احتكاكه بمرضى العقائد اليومي أو ربما لأنه لم ير مثلاً جيداً وقدوة حسنة يصدقها، أو لربما لأنه اكتشف أن مقولة: "الله يكافئ الطيبين" هي فقط كذبة.. إنما الله يبتليهم أيضاً.
أعجبتني فلسفة الصغير الحائرة التي لخّصت حال الكثيرين منا، ولكنني قررت أن أنفض الغبار عن عقله الباحث وروحه اللاهثة وراء الحق والصدق.. فقلت له: يا صغيري لو فرضنا أن مدرستك في المدرسة أجرت اختباراً صعباً، هل سينجح الجميع؟ فأجابني: بالطبع لا.. فقلت: ومن سينجح؟ قال: من أخلص العمل والكد والمثابرة، فقلت: "ولله المثل الأعلى.. كذلك الله.. يختبر الجميع، يختبر المخطئ والمصلح ويبتلي الصالح والمفسد.. والفارق دائماً في ردة فعل كل منهما، فمن أصدق القلب وأخلص العمل سيكون إما صابراً و إما راضياً، وكلاهما سيحتسب وهنا تأتي نفحات الله والمكافأة فيما بعد، وقد يختار الله أن يدخر المكافأة كلها للآخرة وقد يختار أن تكون المكافأة جزءاً في الدنيا وجزءاً في الآخرة".
فقال الصغير: "إذن وكيف الحال مع من لم يخلص؟".
فقلت: لن يُكافأ.
فقال: ولكن هناك الكثير لا يعبدون الله وأغنياء وكثيرات لا يرتدين الحجاب وجميلات والكثير غير مؤمن وناجح!
فقلت: هم أغنياء وجميلات وناجحون، إما لأنهم اجتهدوا أو لأن الله لم يحرم أحداً، وهم حقاً محظوظون بما أوتوا في الدنيا، ولكن يا تُرى من في رأيك أسعد حظاً؟ المحظوظون في الدنيا فقط أم المحظوظون في الآخرة فقط؟
فقال: ربما المحظوظون في الاثنين معاً.
فقلت: فلنقل إن الله لم يجعلك من المحظوظين في الدنيا مثلاً فهل تريد أن تخسر الآخرة أيضاً؟
فقال: ولمَ لا أكسبهما معاً؟
فقلت: إذن اجتهد في صلواتك وكن قريباً لربك، إن اجتهدت سيُفلحك، وإن ابتليت سيصبرك وينجيك.. لا تحدثني أنه ابتلاك وأنت ما زلت تفعل الصالحات.. لو كنت مخلصاً محباً لله لصبرك الله.
فلم يرد فقلت: أوتعلم؟ هناك مَن هو أفضل منّي ومنك عند الله وابتلاه الله أيضاً أوتعلم مَن؟
فقال: من؟
قلت: نبيك محمد عليه الصلاة و السلام، ابتلاه الله وفقد أحب أبنائه إليه وابتلاه بعدما كان الناس يسمونه الصادق الأمين، فأطلقوا عليه ساحر شاعر ومجنون، ورشقوه بالحجارة وألقوا في طريقه الأذى والشوك حتى أُشربت قدماه الشريفتان بالدماء، ولما حدث له كل ذلك لم ييأس ولم يقنط بل لجأ إلى الله، وقال: "إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي". وانظر كيف كرمه الله؟ هل رأيت قائداً يتبعه الناس ويقتدون به بعد موته بأكثر من ألف عام؟
الله رحيم وكريم وغفور، الله واجد موجود يا بني، فقط أنت لا تذهب إليه، الله موجود ونحن فقط لا نذهب إليه.
#تدوينات هاف بوست عربي
#العدل الإلهي
#أسئله عقائديه

Comments

الأكثر قراءة

رواية زبيدة الفصل الرابع.. بناقص!

بناقص ------ ربما هو صباح يوم جديد، وربما كان نذير خير أن الدكتور حاتم جبريل وافق للوساطة بين عائلة زبيدة أو حسام وبين الدكتور سميح عبد المقصود تحت ضغط ابنته مريم صديقة زبيدة المقربة والمتيمة بحسام شقيق زبيدة والذي يصغرها بثلاثة أعوام كاملة !  من قال أن قصص الحب لها ناموس و ربما كان هذا الدافع الوحيد والخفي وراء موافقة مريم مساعدة زبيدة وعائلتها، الأمر يتعلق بمستقبل حسام بالكلية ناهيك عن أن سمعة سميح عبد المقصود كفيلة إن شابت أمرا فيظهر لك الطرف المظلوم دون تفكير، حبها لحسام كان دافعها، وكي تقنع أبيها بالفكرة كان الأمر يحتاج لبعض الدهاء والحيلة وتقديم المصلحة قبل كل شئ، فاستطاعت أن تقنع والدها أن مساعدة  حسام من باب تقديم السبت حتي يجدوا الأحد أمر لا خيار فيه، وإلا من -غير زبيدة- سيحول لهم الدولارات التي أرسلها عمها خالد بسعر أعلي من سعر البنك؟ ..   نعم كان هذا الاتفاق غير المكتوب بين مريم وزبيدة وبحكم عمل زبيدة في أحد شركات الصرافة العريقة بالطبع كان من السهل إقناع مدير الشركة بشراء واستبدال الدولارات مقابل حفنة إضافية من الجنيهات ولم ي...

جارتي تاجرة الحشيش..قصة قصيرة

لم تعد تحت طائلة القانون حتي و إن كانت تاجرة حشيش بحكم قانون الولاية التي نعيش فيها ، قوانين عجيبة تبيح الإتجار  بالمخدرات وترخص المجون و الفحش..وأصبح كل منا علي الأقل لديه جار شاذ جنسيا أو يتجر بالمخدرات..لن ألوم قوانين التعايش . كانت ضخمة الجثة ..لها هيبة ..صوتها كصرير الباب في أذني ..السجائر في فمها كالعلكة في فم فتاة تعشق السكاكر..عبارات السب و اللعن تجري علي لسانها كما يجري اللعاب..طيلة عامين لم تبادلني التحية ولم ترفع عينها لعيني وكأني "بحجابي" كومة قمامة! وطالما هذا هو الحال ..فلم أبادر أبدا بإلقاء التحية أو ما شابه من عبارات " صباح الخير" و" مساء الخير" المعهوده بين جيران البناية..وكأننا اتفقنا ألا نتفق ..وبمرور الوقت صار خوفي منها في زياده خصوصا بعدما رددت جارتي الأوروبية أن جارتنا هذه من الأمريكان العنصريين المتغطرسين وتفتقر للذوق ، حيث أمرت بناتها بالإنصراف عن بنات الأوروبية" التي تتحدث الإنجليزية الركيكة" لأنهما ليستا أمريكيتان مثل بناتها ..هكذا نهرت الفتاتين أمام أمهما دون أن يرمش لها جفن..ناهيك عن زوار الليل كل مساء أمام...

الفصل الثاني من روايتي " كرمالك"

الرواية كاملة رابط الرواية كاملة من هنا جلست نورا ولم تلمح نظرات الفزع والرعب المسددة نحوها من قِبَل ميشال.. السيدة الفرنسية تشعر بالرعب والهلع ما إن جلست بجوارها تلك الشابة ذات الغطاء الأخضرعلي رأسها..ألوان زيها صريحة وجريئة مما يدل علي أن هذه الشابة جريئة ولا تعرف للخوف طريقا..  ميشال خبيرة في الأزياء بحكم عملها وتعلم أنه ثمة علاقة خفية بين ما يرتديه المرء وما يفكر به.. وتجزم أن هناك خط واصل بين ما يلبسه المرء و الطريقة التي يتصرف بها بحسب طباعه وما يؤمن به.. هكذا تعلمت ميشال وهكذا تفكر.. وهكذا ازداد رعبها من تلك الشابة التي ستظل رفيقة رحلتها الطويلة من مصر إلي فرنسا. يا إلهي.. خمس ساعات من الخوف والترقب.. ربما ترتدي تلك الفتاة حزاما ناسفا تحت تلك التنورة الطويلة وربما أخرجت مسدسا من جيب سترتها الجانبي لتطلب من الجميع أن يشهروا إسلامهم أو يُقتَلون..هذا فوق الإحتمال!.. آخ لو كان لديك سيناريو معين أو فكرة مسبقة عن شئ ما ، حتما ستجد عقلك بكل الوسائل وبلا وعي يؤكد لك الفكرة ويصنع مشاهد وحكايات وربما مواقف كي تؤكد ظنونك وتسترسل في أفكارك حتي لو لم تكن أفكارا لها أي أساس من...

الفصل الأول والثاني من روايتي " كرمالك"

كِرمَالك رابط الرواية كاملة من هنا الرواية كاملة علي كندل و تطبيق كندل رابط الرواية كاملة من هنا إهداء إلي روح أبي الغالي..أحبائي زوجي الغالي وأولادي وأمي الحبيبة .. كل من علمني وكل من ألهمني ساهم في كتابة هذه الكلمات ورتب معي السطور والحكايات.. الرواية المقدمة إليكم قد تتشاب ه فيها الأحداث والأشخاص والأماكن بالحقيقة..فقط أردت أن تبدو حقيقية قدر المستطاع، وكل ما ابتغي أن أقوله.. مهلا لكل من ترك دينه وهويته وولي..مهلا لكل من يتشكك في ربه بغير علم ولا هدي ولا كتاب منير .. شكر خاص صديقتي نبال سمارة ، سارة محمود الفهرس 1- مطار القاهرة. 2-الإرهابية.. 3-مرآة المستقبل. 4-لا آكل الخنازير. 5-عقدة الإنجليزية. 6-توحدي. 7-العما بعيونك... 8- سألوني عن حجابي 9- تزوج طفله! 10-هذا رجلي 11-ديما 12-صدفة 13-كرمالك 14-كندرجارتن 15-أحبك 16-سيفيك بلازا 17-حادثة أورلاندو 18-ورود الود 19-أحمر شفاه 20-الزوج المفقود 21-هل أنت داعشية؟ 22-القيثارة 23-بلا ولا شيء 24-أنت صلعاء 25-أبغض ا...

طارق الندي " قصه قصيره". رومانسيات ، فانتازيا

طارق الندي"فانتزيا" فبراير   2008 أفتقدك يا طارق ..مر زمن طويل ولم تلتقِ أعيننا ولم تسمع أذناي لحن صوتك..نعم لصوتك نغم في أذني وله وقع في نفسي يحكي لي قصة عتاب طويل ..أتذكر حين قابلتك أول مره ونحن بالصف الأول بالجامعه ؟ أتذكر كيف كنت تحاول لفت إنتباهي وتتنظر أيما فرصه كي تتجاذب أطراف الحديث معي. ولا أعلم وقتها لِم لَم ألق لك بالا وحتي شهور لا أفهم لم كنت ترتبك وتتصبب حبات العرق عن جبينك لو رأيتني أمام ناظريك ..كنت أستغربك حينا وأتلذذ بإضطرابك حينا. أتذكر يوم ظهور النتيجة بعد إمتحان نصف العام ؟ كم جذب إنتباهي ثقتك بنفسك وانت تخبرني أن تقديرك العام جيد جدا بينما أنا أخبرك و أنا أولول علي نتيجتي ذات التقدير المتواضع كم شعرت وقتها اني ضئيله صغيره أو ربما قزم بُعث أمام العملاق الكبير ليقص عليه حكاية المساء ويذهب في خفر وحياء بعدما علم أن العملاق لم يعد مهتما لأمره . لم أكن لأقبل منك عبارات المجامله السمجه التي ألقيتها علي مسامعي وقتها ..لم أكن لأقبل شفقتك وعبارة " إن شاء الله تقديرك المره الجايه يبقي أعلي ...انتبهي إنت بس". من أنت لتنبهني لأنتبه ؟ أو تع...

لا تكتئب من فضلك!"عن الاكتئاب تقنيات وحلول".

"هل ستؤدي بي الأمومة للطبيب النفسي؟" قالتها السيدة نانسي، التي تعاني من الاكتئاب الحاد لطبيبها النفسي د. ديفيد بيرن، في أولى جلساتها معه.. فسألها الدكتور بيرن: "ما شكواكِ؟"، فقالت: "أنا أُم سيئة! أنا لا أستحق أن أكون أُماً من الأساس!". فسألها بيرن: "ولِمَ؟"، فقالت: "ابني درجاته متدنية جداً وأنا السبب.. أنا أُهمله". فسألها بيرن: "وما تعريفك للأم السيئة؟". فقالت: "الأم التي تمارس العنف ضد أطفالها". فقال: "وهل تمارسين العنف ضد ابنك؟". فردّت نانسي: "بالطبع لا"، فقال الطبيب: "إذن لِمَ تصفين نفسك بذلك؟". فقالت: "لأنني.. لا أعرف.. ربما شعوري بالعجز والتقصير هو ما يُملي عليَّ ذلك". فقال: "فلنتفق إذن على أنه ليس هناك شيء اسمه أم سيئة، أما الأمهات اللاتي يمارسن العنف ضد أطفالهن فلديهن مشاكل أخرى، فلنقُل إنك أُم مقصرة وفي الحقيقة الكل مقصر.. الجميع ينقصه شيء ما.. أو فلنقُل الجميع يجتهد"، فقالت: "لست مجتهدة بما يكفي"، فسألها: "ألا تعدين له الطعام يومياً...

عزيزتي لا تكوي قميص زوجك ..احرقيه

عزيزتي لا تكوي قميص زوجك..احرقيه! تابَعت خبر زواجه بإهتمام وهي التي اتخذته رفيقا لها لتسع أعوام تخللتها علاقات عابره مع رجال آخرين، ولما قرر هو الزواج اتخذ لنفسه زوجه محبه مخلصه أخري  بينما اكتفي برساله صوتيه لها يخبرها بموعد الزفاف وطلب منها حضور الحفل كأشبينه لعروسه، الأمر الذي فجر غضبها وجعلها علي أهبة الاستعداد لتدمير هذا الحفل وهذا الزواج بكل طريقة ممكنه .. وبعد محاولات مستميه للوقيعه بين العروسين باءت كل محاولاتها بالفشل ..فما كان منها إلا إن استسلمت للقدر و اعترفت بخطأها وباركت الزواج في النهايه ..المفارقه العجيبه هنا أنه لم يشك أحدهم أبدا في نوايا جوليان أو  " جوليا روبرتس" الصديقه المخلصه لمايكل أو "ديرموت مولروني" ولم يكتشف أحدهم ألاعيبها الدنيئه لإنهاء زيجة صديقها من حبيبته الجديده كيمي أو " كاميرون دياز" في فيلم " زواج صديقي العزيز" أو My Best friend’s wedding هذا الفيلم الذي عرض في التسعينات من القرن الماضي ولقي نجاحا ساحقا والفيلم يعكس لنا واقع نعيشه الآن والذي أصبح أسهل مع إنتشار و رواج الشاشات ومواقع التواصل الإجتماعي ...