طارق الندي"فانتزيا"
فبراير 2008
أفتقدك يا طارق ..مر زمن طويل ولم تلتقِ أعيننا ولم تسمع أذناي لحن
صوتك..نعم لصوتك نغم في أذني وله وقع في نفسي يحكي لي قصة عتاب طويل ..أتذكر حين
قابلتك أول مره ونحن بالصف الأول بالجامعه ؟ أتذكر كيف كنت تحاول لفت إنتباهي
وتتنظر أيما فرصه كي تتجاذب أطراف الحديث معي. ولا أعلم وقتها لِم لَم ألق لك بالا
وحتي شهور لا أفهم لم كنت ترتبك وتتصبب حبات العرق عن جبينك لو رأيتني أمام ناظريك
..كنت أستغربك حينا وأتلذذ بإضطرابك حينا. أتذكر يوم ظهور النتيجة بعد إمتحان نصف
العام ؟ كم جذب إنتباهي ثقتك بنفسك وانت تخبرني أن تقديرك العام جيد جدا بينما أنا
أخبرك و أنا أولول علي نتيجتي ذات التقدير المتواضع كم شعرت وقتها اني ضئيله صغيره
أو ربما قزم بُعث أمام العملاق الكبير ليقص عليه حكاية المساء ويذهب في خفر وحياء
بعدما علم أن العملاق لم يعد مهتما لأمره . لم أكن لأقبل منك عبارات المجامله
السمجه التي ألقيتها علي مسامعي وقتها ..لم أكن لأقبل شفقتك وعبارة " إن شاء
الله تقديرك المره الجايه يبقي أعلي ...انتبهي إنت بس". من أنت لتنبهني
لأنتبه ؟ أو تعلم كم أقطع من مسافه كل يوم من بيتي في محافظة بنها حتي جامعتي في
العباسيه ؟ . أنا لست مثلك ..لست من قاطني حي مصر الجديده الأثرياء والذين إن
فاتتهم محاضره سيوجدون بنقودهم من يعوضها لهم ألف مره ..كنت أحتاج فقط بعض الوقت
كي أنظم وقتي وأرتب محاضراتي وأتقاسم المهام مع زميلاتي ..حضور كل المحاضرات في كل
الفروع شئ يعجزني ويستحيل علي قدراتي ويستحيل علي بوابة المدينة الجامعيه
والتي تغلق وتوصد بواباتها بمواعيد ...نعم المدينه الجامعيه كانت شر لابد منه بعد
إستحالة حضور كل المحاضرات ومتابعة كل فروع المواد الدراسيه.
وكأنك تضحك الآن بعدما قرأت كلماتي وأظنك تهمس لنفسك ": مازلتي تتذكرين
كل شئ وكل التفاصيل يا ندي مازلت كما أنتِ"..نعم أنا كما أنا لم يغيرني شئ
ولم أنس أوقاتنا الحلوه معا وكذلك شجارنا معا وأذكر حينما قلت لي "أحبك"
لأول مره ..لا لم أنس حين دسست ورقة صغيره تفوح منها رائحة عطري المفضل في دفتر
محاضراتي الذي استعرته مني ووعدتني أن تعيده كما هو ..ولكنك لم تعيده كما هو
..أعدته ومعه قلبك وحبك ..وآسفه أنني لم أحتفظ بخطابك العطر الرقيق واكتفيت
بالفتور و التجاهل ..ليس جحودا ولكن معذرة لي أمام كبريائي ..فماذا سأقول له ؟؟
أقول أنني رأيت الخطاب وقبلته واحتفظت به ومازلت أحادثك واتبادل معك الكتب و
المحاضرات واسمح لك أن تخبرني بما فاتني وأخبرك بما فاتك ونمشي سويا حتي المكتبه
لاستعارة الابحاث وقصاصات الورق ونذهب سويا للمكتب خلف الجامعه للحصول علي بعض
النسخ الإضافيه لكل ما هو هام ؟؟؟ أتذكر حين خدعني البائع وقال أنه صور لي مائه
ورقه وكانوا أربعين ورقه فقط؟ أتذكر حين مسكت رزمة الأوراق ووزنتها بعينيك ثم أمرت
البائع بعدها بإعادة باقي النقود ليتضح لي كذب وغش بائع الورق في مكتب التصوير؟ أو
تذكر حين مر بائع البطاطا المشويه وابتعت القليل وكنت جوعانه فتقاسمناها سويا ؟
كدت أتضور جوعا وكنت أحلف أني لا أريد.. ورائحة البطاطا الشهيه أراقت ريقي
المسكين، وأنت قرأت الجوع في عيني فابتعت المزيد... وبعد هذا تريدني أن أقول هذا
لكبريائي.. كيف ؟ وأبرر هذا لحيائي بأي طريقه؟؟.. لذا أعدت لك دفتر
المحاضرات وتظاهرت أنني أسألك عن شئ فيه وفتحته بعنف حتي يقع الخطاب دون قصد
أمامك "أو هكذا يُهيأ لك" فالتقط الخطاب وأسألك بدهشه " هل هذا
يخصك؟" وتُجيبني بلطمة من يدك علي جبينك وترد بحنكة اللص المكشوف "آخ
إزاي نسيته هنا ! آسف ..شكرا ".
عذبتك أعلم ..كنت ساذجه ولم أكن أعلم وقتها أن الحب لا يحتاج ضمانات
..الحب للحب فقط ..سامحني يا طارق أنت لا تعلم كم أحبك وكم ندمت علي قسوتي معك
..لنقل أنه فات وقت العتاب ولتذكر لي أني سامحتك أنا أيضا ..طبعا لا تذكر متي
ولكني ساخبرك ..سأخبرك أني سامحتك حين زرت قبري لتعلمني أنك خطبت ..سامحتك حين قلت
لي أنك تحتاجني بجانبك ولكني لست هناك ..سامحتك فور ان قلت لي أن خطيبتك
تشبهني..أحقا يا طارق حبيبتك تشبهني؟ ما اسمها ؟ وكيف عرفتها ؟ ولم تعجلت ؟ أعلم
أن ثمان سنوات علي رحيلي وقت كاف لنسياني ولكني لم أنسك. أنت في بالي وصلواتي
وذكراك تؤنسني ودعاؤك لي يحييني وصدقاتك عني هي نور قبري ...ولتعلم أنك مدين لي
بكل بسمه مسحت وجهك كلما ذكرتني ومدين لي بكل حلم غفوت فرأيته وتقاسمناه معا ،
ومدين لي بكل دمعه إستأذنت جفونك ولم تسمح لها بالنزول كلما زرت قبري..لا تقل لي
الحي أبقي من الميت و إن كنت أنت الحي و أنا الميت فكيف أحيا أنا في ذكراك وتموت
أنت في قلبي؟
أبعد كل حبك لي تتركني للموت وتدفن الذكري؟ انت كنت لي الحب وكنت لك
الدنيا ؟ أتذكر حينما كنت تردد أن إبتسامتي تجلب لك مرح الدنيا وسعادتها ؟ أو تذكر
حين كنت تردد أن مرضي بالسرطان جعل الدنيا ضيقه كثقب الإبره أمام ناظريك ؟ أتذكر
حين قلت أنك ستتحدي الدنيا و المرض ولن تتركني للموت وصدقتك ؟
كنت أقول لنفسي أنا حبيبته الأولي ولو لم يعق الموت مراسم زواجنا كنت
لأصبحت أنا زوجته وأنا حبيبته الأولي و الأخيره ..ومع هذا كله تركتني و
تتركني ثانية وتتركني كل يوم وأنا بيني وبين نفسي أقول سيعود.. سيتذكر، حتي لو
تزوج ألف مره أو أحبً ألف أخري سأظل في قلبه وبين عينيه......
أتصبر عن غيابك بمعسول كلامك وبحلو ذكراك ..لكن منذ وقت ليس بالقليل
تباعدت زياراتك و أصبحت دائما علي عجل ..أنت مشغول عني يا طارق ! أنت لم تعد
تحادثني مثل ذي قبل ..ودعاؤك لي أصبح شحيحا فلا يضئ القبر ..حتي زيارتك التي كنت
أتصبر بها وأباهي بها جيراني من الأموات ضننت علي بها..فيما يبدو أنك أحببت زوجتك
أكثر مني ..فيما يبدو أن الحب الأول كذبه ..كذبه نكذبها علي أنفسنا لنصدق أنه لا
حياة بعد الحبيب الأول ..نوهم أنفسنا أن قلوبنا تدق عند رؤيته وتتوه العقول
في حضرته هو فقط ..ولكن في الحقيقه الأمر ليس كذلك ..ربما الأمر متعلق بكيمياء
الجسد وهرموناته التي تتفاعل وتتناحر عند رؤية أي شخص نري فيه حبيبا مشابها للحبيب
الأول و الأهم أن يكون متقاربا وإياه في الصفات والطباع أو حتي الشكل حتي نوهم
أنفسنا أن الحبيب الأول مازال موجود في ذكرانا واختياراتنا ،والحقيقه أنه شتان بين
الحبيبين حتي لو تشابها في أي شئ وإن كنا إخترنا هذا الشبه لنرضي عذاب قلوبنا
الخائنه و إخترنا أكذوبة الحب الأول كي نبرر لأنفسنا خيانة الحبيب الأول ولنذكر
أنفسنا أننا مازلنا علي عهده مهما تباعدت المسافات وطالت الأوقات ..أنا أتفهم أنك
بحاجه إلي حياة ليست مثل حياتي يا طارق .أعلم أننا مختلفين وقد حان الوقت لكي أدرك
هذه الحقيقه وأعدك ألا أعذبك ولن أجتر دموعك ..وسأمنع طيفي من زيارتك أوذكراي أن
تطاردك..سلام عليك يا
طارق..سلام عليك يا حب عمري.
فبراير 2016
صباح الخير حبيبتي ندي..أشتاق إليك يا حبة القلب يا نور قلبي
..سامحيني لم أزرك منذ زمن بعيد ..ابنتي ندي ولدت ولديها مرض مزمن في القلب
واضطررت للسفر حتي أغطي مصاريف العلاج ..دعائي وصلواتي لك في كل وقت ربما فقط
تقاسمتها ابنتي وإياك ..لم أنسك يوما ولن أفعل ولن أتركك كما وعدتك..فقط كنت
متشاغلا بحياتي الجديده ولم يكن هناك مجال لزيارة قبرك . أقسم لك بالدمع الذي
أذرفته لفراقك أنني لم أزر الوطن طوال ثمان سنوات وأنتِ أول من أزور بعد عودتي إلي
أرض الوطن. لا تقلقِ.. سأزورك كثيرا في الأيام المقبله فلقد اشتريت بيتا قريبا من
هنا ..أنتِ الدنيا كما قلت لك وبعد تمام شفاء ابنتي لم يعد هناك من سيتقاسم معكِ
الدعاء ..أما زوجتي فهي تحبك أيضا وتعلم أنك أجمل ما حدث لي في حياتي قبل أن
أعرفها ..هي تقول لك أنها أحبتني وأحبتكِ معي جملة واحده وقلبها يتسع لأي ندي في
حياتي . وأنا وابنتي وزوجتي سندعو لك وسنتلو الصلوات من أجلك حتي يملأ القبر النور
كما ملأتي قلبي نور.
نسيت أن أخبرك ..زوجتي حامل في طفلتنا الثانيه سأسميها قطر الندي
..أو نداء . أيهما أفضل برأيك؟ ..لا
تتعجلي سأنتظرك بمنامي ..سأنتظر همس طيفك في أذني ككل مره . سلام يا
غاليتي.
فبراير2017
اللعنه عليك يا ندي..تركت كل شئ لأجلك ..واشتريت بيتا لأظل جوارك وفي
كنفك و مع هذا كله تصرين علي
الانتقام مني ؟؟؟ ترسلين طيفك يداهمني وأنا أقود سيارتي؟؟ طيشك
واندفاعك قتل ابنتي أيتها الأنانيه المتعجرفه الحمقاء!!!! ماذا فعلت لكِ الصغيره
كي تقتلينها وتنتقمين من شخصي فيها ؟ هل جننتِ؟ عموما انا المخطئ ..فحبي لك عماني
عن طبيعتك الشريره . لن أسامحك علي ما فعلتِ ولن أزور قبرك مجددا و سأرسل إليك
اللعنات..لعناتي عليك وعلي ذكراكِ وعلي حبي لك الذي لم تكافئيني عنه يوما ..أذهبي
أنتِ وحبك وطيفك إلي الجحيم ..إلي الجحييييييم أتسمعين؟
مايو2018
الممرض: " يا دكتور ..الراجل مجنون ندي ده عامل زيطه في العنبر
وعمال يقطع في المخدات والمرتبه.هنعمل فيه إيه؟".
الطبيب: " ادوله حقنه مهدئه ولو ملمش نفسه ادوله جلستين كهربا
يمكن يرجع لعقله..شغلانه تعلَ..عملت إيه في الحاله الجديده بتاعه إمبارح؟"
الممرض": لسه بجهز الملف بتاعه بس مش عارف الورق كل م احطه ف
الدفتر أرجع ألاقيه في الدرج".
الطبيب:" ايه يا سيد إنت بتاكل من أكل العيانين ولا إيه .؟؟
امشي انجر هات الملف بسرررررعه".
اضطرب جسد الممرض الضخم من أثر صرخة الطبيب وتعثر في طيف ندي وهو
يهُمً بالخروج من الغرفه.

Comments
أسعدني مرورك