Skip to main content

الفصل الأول والثاني من روايتي " كرمالك"











إلي روح أبي الغالي..أحبائي زوجي الغالي وأولادي وأمي الحبيبة ..
كل من علمني وكل من ألهمني ساهم في كتابة هذه الكلمات ورتب معي السطور والحكايات..
الرواية المقدمة إليكم قد تتشابه فيها الأحداث والأشخاص والأماكن بالحقيقة..فقط أردت أن تبدو حقيقية قدر المستطاع، وكل ما ابتغي أن أقوله.. مهلا لكل من ترك دينه وهويته وولي..مهلا لكل من يتشكك في ربه بغير علم ولا هدي ولا كتاب منير ..
شكر خاص صديقتي نبال سمارة ، سارة محمود


















الفهرس

1- مطار القاهرة.
2-الإرهابية..
3-مرآة المستقبل.
4-لا آكل الخنازير.
5-عقدة الإنجليزية.
6-توحدي.
7-العما بعيونك...
8- سألوني عن حجابي
9- تزوج طفله!
10-هذا رجلي
11-ديما
12-صدفة
13-كرمالك
14-كندرجارتن
15-أحبك
16-سيفيك بلازا
17-حادثة أورلاندو
18-ورود الود
19-أحمر شفاه
20-الزوج المفقود
21-هل أنت داعشية؟
22-القيثارة
23-بلا ولا شيء
24-أنت صلعاء
25-أبغض الحلال
26-المنحة مع المحنه
27- الفطيرة
28-ماريجوانا وأشياء أخري
29-الكافرون
30- الحفل



















1-مطار القاهرة

درجة الحرارة تتجاوز الأربعين بقليل، الطرق مزدحمة  ..لفحة الهواء حتي وإن كان ساخنا أصبحت أمنية للخلاص من شدة الرطوبة الخانقة ..لا يخفف من تلك الأجواء إلا نسمات المكيف الباردة في أي سيارة ..تعلم نورا أن مازال أمامها متسع من الوقت قد يتجاوز الساعتين ولكن لا.. إنها أمريكا والبعثة التي طالما حلمت بها علي مدار سنين وسنين..لن تسمح لتضيع منها فقط لأنها تأخرت بضع دقائق ، الطرق تكاد تختنق قبيل الوصول ..الجو حار ..قبس من نار جهنم لا يعرف الرحمة..تتأفف ..تنظر لساعتها ثم إلي والدتها ثم إلي والدها بتوتر ..القلق يعتريها وأمها تربت علي كتفها بهدوء وصمت ..تحاول طمئنتها وهي الخائفة أكثر من ابنتها .. ساعة كاملة قضوها في مسافة لا تتعدي العشر دقائق في الأوقات العادية.. بقيت أقل من نصف ساعة علي ميعاد إقلاع الطائرة..ستفوتها الطائرة بالتأكيد..همسات مترجية بدأت تتحول إلي صلوات تتلي حتي تنفرج الأمور..
تنظر إلي عيني أمها بعينين خائفتين ..تبتسم أمها وتردد:" متخافيش حبيبتي..لو ليكي نصيب وخير في حاجة ربنا أكرم من إنه يحرمك منها ..سبحانه واهب النعم قبل إستحقاقها ..وأنا قلبي راضي عليك وبدعيلك أنا وأبوكي..واللي وراه رضا أبوه وأمه ميضيعش أبدا "
شبح إبتسامة زار ثغر نورا الصغير وارتجفت عيناها ثم تمتت بهمهمات بدت غير مسموعة ، فاستطرد أباها :" بالظبط ...أنا فاكر مرة كنت قريت حكاية لأنيس منصور في مقال ف جريدة وحكي إنه مرة كان مسافر ع الطيارة وبعدين اتصل بوالدته ولقي صوتها تعبان فلغي سفريته علي آخر لحظة وساب التذكرة لممثلة اسمها كاميليا وكان زعلان إن فوت السفرية بس الطيارة وقعت و غرقت ف الب...."  قاطعته حسناء:" ايه يا فهمي ده؟؟إنت بتخوف البنت كده مش بطمنها"..فغمغم والدها وأشاح بوجهه ثم التفتت هي لنورا وأردفت:" بصي حبيبتي ..كله مقدر ومكتوب وإن شاء الله ربنا هيوفقك وهيراضيكي ...يارب يا نورا يا بنتي م يكسر خاطرك أبدا ..يارب يا بنتي" . ومرت الدقائق ثقيله ودموع نورا تستأذن علي أبواب مقلتيها إستعدادا للهطول كشآبيب المطر.. ثم أتي الفرج.. ها قد توج الله أوقات الجد و الاجتهاد ولم يرد الله دعاء أمها السيدة حسناء ..السيدة التي قضت جُل عمرها في تربية الصغار وتنشأتهم حتي صاروا في مراكز مرموقة وأمثله مشرفة يحتذي بها القريب و البعيد . ها هي نورا ابنتها الصغري طالبة كلية العلوم تتقدم خطوة جديدة علي درج السلم الوظيفي وأخويها عادل وحسام طبيب ومحاسب يُضرب بهما البنان... وها هي الأخبار الحلوة عن الطائرة المتجهة إلي باريس – وجهة نورا- تأخرت ثلاث ساعات كامله عن موعد الهبوط ..الأمر نادر الحدوث..والذي بدد مشاعر التوتر وحولها إلي لحظات من الإمتنان والإبتهال لله شكرا علي إستجابته ..
بغطاء الرأس الأخضر الزاهي وتنورة طويلة خلفيتها بيضاء تناثرت عليها زهرات صغيرة ملونة ومختلطة بأخضر مزركش وقميص بلون كوب القهوة الممزوج بالحليب وقفت تعد الدقائق وتختلس النظر بعيون مترقبة إلي ساعة يدها بين الفينة والأخري في طابور طويل قبل الدخول إلي صالة المطار..
تودع الأهل بقبلات حارة ودموع منهمرة.. أحضان تستجلب الشجن وتهز الشوق.. همهمات..
مشاعر الإفتقاد والوحشة تلوح في الأفق تأتي بتلابيب الفراق ..ما أحر الدموع وما أدفأ تلك الأحضان التي يريد الجميع أن ينهل منها ويملأ طيات القلب بمخزون يكفيه حتي اللقاء التالي ، دقائق معدودة وتُقلع الطائرة ويحل الوداع محل القرب وأنس الرفقة وسيصبح كل منهم في حال غير الحال..فلنقل أنها لم تكن المرة الأولي التي تفارق نورا فيها أهلها الغوالي، فقد سبق لها السفر لعدة رحلات كانت تشرف عليها الكلية، ولكنها المرة الأولي التي تغادر فيها أرض الوطن إلي بلد آخر وقارة أخري وربما عالم آخر. ليس هناك شئ مشترك بين عالمها وهذا العالم الجديد المقبل عليها.. لغة مختلفة وأناس مختلفون وثقافة مختلفة و أجواء مختلفة.. حذرها الجميع أن بعثتها الدراسية للقارة الأمريكية لن تكون أبدا سهلة، لكن نورا بطبيعتها تعشق المغامرة وتهوي التجديد وتسعي لتشبع طموحها المتقد، شغفها للعلم لا ينضب أبدا ولا ينال منها الإحباط أبدا.. بل يزيدها عناد.
استوقفها ذاك الضابط في نهاية بوابة المروق إلي الطائرة ...سألها الأسئله المعتادة وغير المعتادة :" ممكن تفتحي شنطة إيدك؟" ، " اللاب توب ده بتاعك؟ افتحيه؟؟؟" ..طريقته تخلو من الأدب ..الشئ الذي لم تعتاده أبدا فهي ابنة اللواء فهمي جلال الدين ولم تعتد أبدا تلك المواقف و الأسئله و النظرات، علي أية حال همت بفتح شنطة الحاسوب المحمول وما إن أخرجت الحاسوب حتي وقعت جميع محتويات حقيبتها المفتوحة -عن غير عمد- أرضا ، فراحت تلملم أغراضها بإرتباك وحبات العرق تتصبب عن جبينها وهذا أيضا لم يشفع لها عند ذاك الضابط والذي أصر علي إفراغ محتويات الحقيبة بالكامل ، وقدرا لمح من ضمن أغراضها بطاقة نادي الجيش خاصتها فإرتجفت جفونه بخوف وإلتقط البطاقة في سرعة ثم أردف بإبتسامة خجلي مرتبكة:"مش تقولي إن سعادتك بنت فهمي بيه ؟؟؟ خللي عنك خالص يا فندم وإحنا هنل...." قاطعه صوت أحد موظفي المطار والذين عُيِنوا من قبل أبيها الرجل السوبر مهم:" آسف يا نورا هانم ..كنت بتأكد إن شنط سعادتك وصلت ..كله تمام" وانتشل أوراقها من يد الضابط الأقل رتبة منه وتابع معها إنهاء الإجراءات والتي انتهت بسلاسة ويسر..والدها بحكم عمله في أحد أجهزة الدولة الفعالة جعل له يد طائلة ومعارف كُثَّر سهلوا لها كل شئ وأي شئ.
وبخطوات غير واثقة مرتجفة صعدت سلم الطائرة.. تنظر إلي الخلف في محاولة لتشبع  ملأ عينيها من كل شبر تراه من أرض الوطن قبل أن تختفي وراء هيكل الطائرة التي ستقلع عن قريب.. وتؤكد لنفسها أنها تستطيع أن تقتطع من الأربع سنوات شهرا أو ثلاثة شهور لتري الأحباب وتمني نفسها أنها تستطيع أيضا أن تتواصل معهم هاتفيا وستهيئ نفسها لرؤيتهم يوميا من خلال برامج المحادثة والمكالمات  التي حمَلتها قبيل سفرها مباشرة علي هاتفها الذكي و حاسوبها المحمول.
هي تطمئن نفسها فحسب.. القلق يعتريها خوفا مما تسمع يوميا في الأخبار العالمية خصوصا في هذه الفترة بعد ترشح بعض الرموز الكارهة والمعادية للإسلام للإنتخابات الرئاسية الأمريكية.. أحد المرشحين يجاهر بفزعه من كل ماهو إسلامي ويعلن حالة الترقب والتربص لكل ما له طابع إسلامي ويتوعد بغلق مساجد المسلمين..ويعد مؤيديه بإصدار قرارات صارمة بشأن تتبعهم أمنيا.. ومع كل هذا أصرت نورا أن تخوض التجربة للنهاية..  شيئا ما يحدثها أن التجربة تستحق عناء المحاولة.. ثم هو مجرد مرشح ضمن مرشحين آخرين.. لا داع لاستباق الأحداث.. فأمريكا بلد ديمقراطي مبني علي تعدد الثقافات واختلاف الأعراق، لا يمكن لأي مرشح أن يفوز كونه يقصي طائفة معينه من المجتمع.. هذا ضد القانون الأمريكي أصلا..
أمريكا بلد الحريات بلد حرية الدين وحرية المعتقد.. أمريكا هي ربما المكان شبه الوحيد بالعالم الذي تجد فيه اليهودي صديق للمسلم.. وربما تجد اللاديني جار للقس والجميع متعايش وأصدقاء لبعضهم البعض في نفس ذات الوقت..."هذا بحسب ما تسمع هي وتتمني...".
تنهيدة طويلة.. ثم ها هي نورا تتفقد مكانها علي متن الطائرة.. استغرقت بعض الدقائق جيئة وذهابا بحثا عن مقعدها بتلك الطائرة الضخمة ..أخيرا وجدت مقعدها بجوار النافذة والتي تطل مباشرة علي أجنحة الطائرة "حمدا لله !" هكذا همست لنفسها.. يالها من طائرة ضخمة..هذه الأجنحة لا تبدو بهذا الحجم وهي تحلق في عنان السماء..وتلك المراوح لم تبدو ضخمة هكذا كما تبدو الآن ..جلست نورا علي المقعد التي دلًتها عليه المضيفة..بنصف لفتة صغيرة لمحت جارتها في المقعد المجاور.. سيدة أربعينية شقراء زرقاء العينين واسعتهما.. ترتدي تنورة قصيرة فوق الركبة كقطعة من جلد النمر و قميصا بلون بياض اللؤلؤ.. اسمها ميشال.. فرنسية سبق لها الزواج وانفصلت عن زوجها..مسيحية من أصول كاثوليكية ..مهنتها الموضة وكل ما هو جديد، لكن رغم هذا هي لا تحب المفاجأت ..اضطرت لظروف عملها الخاصة أن تستقل تلك الطائرة وقدرا كان الترانزيت في مصر...كم قلب هذا ترتيباتها رأسا علي عقب مما زاد من توترها قبل صعود الطائرة !..تنظر متأففة للغادي و الرائح ..تنظر لساعتها بين الحين و الآخر وكأنها تهرب بالنظر لساعتها من النظر لوجوه الناس ..قرأت كل الكتب و المجلات بحوزتها ومع هذا يمر الوقت كسحابة ظلماء ثقيلة الظل تفترش عرض السماء تخفي وراءها الشمس في تعنت وكبرياء .. يالحظها السئ ! حاسوبها الشخصي لا يعمل  وتحتاج لشحن بطاريته ..تبا ! ..هي لم  تر محطات للتزويد بالطاقة بالمطار قبل صعودها للطائرة ولم تساعدها إنجليزيتها التي لم يفهمها عاملو المطار، فكتمت غيظها وصوتها.. تنفث غضبها في سيجارة قبيل صعودها سلم الطائرة.
 قبل أن تجد نورا مقعدها كانت تتفقد الأرقام والمقاعد  بينما تحجب دموع الفراق رؤيتها ..تمر من أمام مقعدها ثلاث مرات متتاليات ولم تدر أنه مقعدها ..أثارت بذهابها وعودتها مرة تلو المرة أمام المقعد قلق السيدة الفرنسية الجالسة إلي طرف المقعد المجاور لمقعدها ..ولم تفهم السبب لما قامت ميشال من مقعدها كلية لتسمح لها بالمرور وكان  يكفي أن تميل بجانبها فقط للخارج ..
 ملأت ميشال الفراغ بينها وبين نورا بنظرات الشك و الريب ..تتطلع للنافذة تارة وإلي نورا تارة..أصابعها تحركها لأعلي وأسفل بعصبية علي طرف شفتيها ..تتطلع إلي المقاعد المجاورة بفضول وتنظر لسماء الطائرة، ثم تنظر إلي نورا ثم تعود لتنظر إلي المقاعد المجاورة عسي أن تجد أحدها خاويا فتحتله ولكن هيهات الطائرة مكتظة.. مملوءة عن بكرة أبيها.
  



2الإرهابية


جلست نورا ولم تلمح نظرات الفزع والرعب المسددة نحوها من قِبَل ميشال.. السيدة الفرنسية تشعر بالرعب والهلع ما إن جلست بجوارها تلك الشابة ذات الغطاء الأخضرعلي رأسها..ألوان زيها صريحة وجريئة مما يدل علي أن هذه الشابة جريئة ولا تعرف للخوف طريقا..  ميشال خبيرة في الأزياء بحكم عملها وتعلم أنه ثمة علاقة خفية بين ما يرتديه المرء وما يفكر به.. وتجزم أن هناك خط واصل بين ما يلبسه المرء و الطريقة التي يتصرف بها بحسب طباعه وما يؤمن به.. هكذا تعلمت ميشال وهكذا تفكر.. وهكذا ازداد رعبها من تلك الشابة التي ستظل رفيقة رحلتها الطويلة من مصر إلي فرنسا.
يا إلهي.. خمس ساعات من الخوف والترقب.. ربما ترتدي تلك الفتاة حزاما ناسفا تحت تلك التنورة الطويلة وربما أخرجت مسدسا من جيب سترتها الجانبي لتطلب من الجميع أن يشهروا إسلامهم أو يُقتَلون..هذا فوق الإحتمال!.. آخ لو كان لديك سيناريو معين أو فكرة مسبقة عن شئ ما ، حتما ستجد عقلك بكل الوسائل وبلا وعي يؤكد لك الفكرة ويصنع مشاهد وحكايات وربما مواقف كي تؤكد ظنونك وتسترسل في أفكارك حتي لو لم تكن أفكارا لها أي أساس من الصحة.. حاولت ميشال أن تطلب من المضيفة تغيير المقعد قبلما تقلع الطائرة.. ولكنها تراجعت عن تلك الفكرة السخيفة بعدما وجدت أن الطائرة مكتظة بالناس عن آخرها، كما أن الطائرة تعج بنساء أخريات بأغطية للرأس.. فلا جدوي من تغيير المقعد والجلوس بمقعد آخر بجوار فتاه أخري ترتدي غطاء للرأس.
يا إلهي.. كم أنا بلهاء كي أختار تلك الرحلة!.. ماذا كان ليحدث لو كنت إخترت رحلة أخري فلا أحتاج أن تكون طائرتي ترانزيت في بلد إسلامي؟..  مصر ليست بلد إسلامي ولكنها بلد مليئة بهؤلاء.. بهؤلاء الزومبيز ممن يلبسون أغطية الرأس وتنورات طويلة.. وبدون أن تشعر.. فلتت من أفكارها إمتعاضة زارت شفتيها وهي تنظر إلي نورا التي تجلس في المقعد المجاور.
نورا بعينين محدقتين للنافذة تطل علي آخر ما ستطلع عليه عيناها من الوطن قبل أن تقلع الطائرة.. فجأة.. تذكرت نورا أنها وعدت والدتها أن تهاتفها قبلما تنطلق الطائرة.. انتفضت نورا بمجرد أن تذكرت.. وبحركة سريعة وعصبية مدت يدها لتخرج جوالها من جيب التنورة الأيمن..وياللمفاجأة، لم تجد الهاتف!.. ياللهول هل سقط الهاتف منها في المطار؟؟؟ أم بجانب المقعد؟؟ هنا أم هناك ؟ أم في صالة المطار؟ كيف ستطمئن والديها الآن؟ سيظنون أنه أصابها مكروه بلا شك.
وبحركة أكثر عصبية مدت يدها في الجيب الآخر.. لكن قبل أن تستقر يدها في جيب التنورة ارتطمت أصابعها المتشنجة جراء الصدمة  بجانب السيدة الشقراء الأيمن والقابعة في المقعد المجاور.. انتفضت ميشال في فزع ... صلُبَت علي نفسها ..تمتمت ببعض الهمهمات غير المسموعة.. لم تفهم منها نورا أي شئ.. لكن نورا همًت بالإعتذار للسيدة التي أشاحت بوجهها عنها.. رددت نورا في تردد وبصوت نصف مسموع وبإنجليزية لكنتها جيدة:" آسفة سيدتي.. لم أقصد..".
 تابعت نورا  علامات الخوف علي وجة ميشال.. تابعت عينيها المغلقتين في خوف.. ويديها الملصقتين طوليا مع بعضهما بعصبية وكأنها تؤدي الصلاة.. ياللهول ..أبهذه السرعة تبدأ المغامرات؟
هاهو ذاك الهاتف اللعين ..في جيب تنورتها الآخر..التقطت هاتفها من جيب تنورتها الأيسر واتصلت بأمها في مكالمة سريعة خاطفة وأنهت المكالمة :
"لا إله إلا الله يا أمي"...وما إن سمعت ميشال ذاك المقطع " الله" وتسمرت في مكانها ..أنفاسها تبدو أعلي صوتا..صدرها يتحرك صعودا و هبوطا  بسرعة البرق ..نورا تنظر بإستغراب و فضول... ثم بعد دقيقة قررت أنه لا يجب أن يستمر هذا أكثر من ذلك..نظرت نورا بعينيها الخضراوين الهادئتين لميشال في حنو و عطف..
وسريعا ربتت علي كتفها في هدوء.. ففتحت ميشال عينيها وكأنها أفاقت من إغماءة أو موتة قصيرة لتجد هذا الملاك الباسم ماثل أمام عينيها...لحظة.. ياربي إنه ليس ملاكا.. لا أجنحة ولا سماء ولا شئ..إنه تلك الفتاه الجالسة في الجوار..وهي سليمة لم يصبها مكروها البتة ..وتلك الفتاة ذات الغطاء علي رأسها تنظر لها بعينين بهما أطنانا من الحنان.. وثغر باسم و بإنجليزية سليمة متقنة قالت لها:" اسمحي لي سيدتي.. هل أنت بخير ؟ يمكنني أن استدعي المضيفة إن أردت؟".
لوهلة لم تصدق ميشال ما تراه.. ولكن وجدت لسانها يردد بلا وعي.." أنا بخير.. أنا فقط أهاب الطائرات..  سأكون بخير حينما تقلع الطائرة".
المضيفة تمر بالصدفة بجوار مقعديهما.. فنادتها نورا وطلبت منها بالعربية كوب  من الماء للسيدة الفرنسية وطلبت شيئا آخر.. لم تفهم السيدة الفرنسية ولم تكن تع كل ما يقال.. وكأنها في حلم..ربما كابوس!.
فاستجابت المضيفة بإبتسامة وبعد دقيقة أتت بالكوب  ومعه الاسبرين..وقطعة علك.
نظرت إليها نورا وقالت:" اسمي نورا.. طلبت من المضيفة كوبا من الماء وأقراص للصداع وقطعة علك.. كلها أشياء ستساعدك علي الإسترخاء وستخفف من حدة خوفك.. اخبريني كيف أستطيع مساعدتك؟".
أجابت ميشال بشئ من التردد:" لا عليك.. أنا بخير.. شكرا لك".
وتناولت الكوب وارتشفت منه ما يعادل نقطة ماء ثم أخبرت المضيفة أنها لا تريد علكا ولكنها ستحتفظ بالأسبرين ربما احتاجته لاحقا، وشكرت المضيفة ثم رمقت جارتها بنظرة أقرب للشك منها للشكر..
نورا كانت بالذكاء الكافي لتعلم ما يعتمل في نفس السيدة ميشال.. إنفجارات باريس كافية للفصل في هذا الأمر..





ا 

Comments

Shama Farag said…
رابط الرواية كاملا
https://www.amazon.com/gp/aw/d/B07B4ZMLYQ/ref=mp_s_a_1_1?ie=UTF8&qid=1520819243&sr=8-1&pi=AC_SX236_SY340_QL65&keywords=%D9%83%D8%B1%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%83&dpPl=1&dpID=61sTj8pBnTL&ref=plSrch

الأكثر قراءة

رواية زبيدة الفصل الرابع.. بناقص!

بناقص ------ ربما هو صباح يوم جديد، وربما كان نذير خير أن الدكتور حاتم جبريل وافق للوساطة بين عائلة زبيدة أو حسام وبين الدكتور سميح عبد المقصود تحت ضغط ابنته مريم صديقة زبيدة المقربة والمتيمة بحسام شقيق زبيدة والذي يصغرها بثلاثة أعوام كاملة !  من قال أن قصص الحب لها ناموس و ربما كان هذا الدافع الوحيد والخفي وراء موافقة مريم مساعدة زبيدة وعائلتها، الأمر يتعلق بمستقبل حسام بالكلية ناهيك عن أن سمعة سميح عبد المقصود كفيلة إن شابت أمرا فيظهر لك الطرف المظلوم دون تفكير، حبها لحسام كان دافعها، وكي تقنع أبيها بالفكرة كان الأمر يحتاج لبعض الدهاء والحيلة وتقديم المصلحة قبل كل شئ، فاستطاعت أن تقنع والدها أن مساعدة  حسام من باب تقديم السبت حتي يجدوا الأحد أمر لا خيار فيه، وإلا من -غير زبيدة- سيحول لهم الدولارات التي أرسلها عمها خالد بسعر أعلي من سعر البنك؟ ..   نعم كان هذا الاتفاق غير المكتوب بين مريم وزبيدة وبحكم عمل زبيدة في أحد شركات الصرافة العريقة بالطبع كان من السهل إقناع مدير الشركة بشراء واستبدال الدولارات مقابل حفنة إضافية من الجنيهات ولم ي...

جارتي تاجرة الحشيش..قصة قصيرة

لم تعد تحت طائلة القانون حتي و إن كانت تاجرة حشيش بحكم قانون الولاية التي نعيش فيها ، قوانين عجيبة تبيح الإتجار  بالمخدرات وترخص المجون و الفحش..وأصبح كل منا علي الأقل لديه جار شاذ جنسيا أو يتجر بالمخدرات..لن ألوم قوانين التعايش . كانت ضخمة الجثة ..لها هيبة ..صوتها كصرير الباب في أذني ..السجائر في فمها كالعلكة في فم فتاة تعشق السكاكر..عبارات السب و اللعن تجري علي لسانها كما يجري اللعاب..طيلة عامين لم تبادلني التحية ولم ترفع عينها لعيني وكأني "بحجابي" كومة قمامة! وطالما هذا هو الحال ..فلم أبادر أبدا بإلقاء التحية أو ما شابه من عبارات " صباح الخير" و" مساء الخير" المعهوده بين جيران البناية..وكأننا اتفقنا ألا نتفق ..وبمرور الوقت صار خوفي منها في زياده خصوصا بعدما رددت جارتي الأوروبية أن جارتنا هذه من الأمريكان العنصريين المتغطرسين وتفتقر للذوق ، حيث أمرت بناتها بالإنصراف عن بنات الأوروبية" التي تتحدث الإنجليزية الركيكة" لأنهما ليستا أمريكيتان مثل بناتها ..هكذا نهرت الفتاتين أمام أمهما دون أن يرمش لها جفن..ناهيك عن زوار الليل كل مساء أمام...

الفصل الثاني من روايتي " كرمالك"

الرواية كاملة رابط الرواية كاملة من هنا جلست نورا ولم تلمح نظرات الفزع والرعب المسددة نحوها من قِبَل ميشال.. السيدة الفرنسية تشعر بالرعب والهلع ما إن جلست بجوارها تلك الشابة ذات الغطاء الأخضرعلي رأسها..ألوان زيها صريحة وجريئة مما يدل علي أن هذه الشابة جريئة ولا تعرف للخوف طريقا..  ميشال خبيرة في الأزياء بحكم عملها وتعلم أنه ثمة علاقة خفية بين ما يرتديه المرء وما يفكر به.. وتجزم أن هناك خط واصل بين ما يلبسه المرء و الطريقة التي يتصرف بها بحسب طباعه وما يؤمن به.. هكذا تعلمت ميشال وهكذا تفكر.. وهكذا ازداد رعبها من تلك الشابة التي ستظل رفيقة رحلتها الطويلة من مصر إلي فرنسا. يا إلهي.. خمس ساعات من الخوف والترقب.. ربما ترتدي تلك الفتاة حزاما ناسفا تحت تلك التنورة الطويلة وربما أخرجت مسدسا من جيب سترتها الجانبي لتطلب من الجميع أن يشهروا إسلامهم أو يُقتَلون..هذا فوق الإحتمال!.. آخ لو كان لديك سيناريو معين أو فكرة مسبقة عن شئ ما ، حتما ستجد عقلك بكل الوسائل وبلا وعي يؤكد لك الفكرة ويصنع مشاهد وحكايات وربما مواقف كي تؤكد ظنونك وتسترسل في أفكارك حتي لو لم تكن أفكارا لها أي أساس من...

طارق الندي " قصه قصيره". رومانسيات ، فانتازيا

طارق الندي"فانتزيا" فبراير   2008 أفتقدك يا طارق ..مر زمن طويل ولم تلتقِ أعيننا ولم تسمع أذناي لحن صوتك..نعم لصوتك نغم في أذني وله وقع في نفسي يحكي لي قصة عتاب طويل ..أتذكر حين قابلتك أول مره ونحن بالصف الأول بالجامعه ؟ أتذكر كيف كنت تحاول لفت إنتباهي وتتنظر أيما فرصه كي تتجاذب أطراف الحديث معي. ولا أعلم وقتها لِم لَم ألق لك بالا وحتي شهور لا أفهم لم كنت ترتبك وتتصبب حبات العرق عن جبينك لو رأيتني أمام ناظريك ..كنت أستغربك حينا وأتلذذ بإضطرابك حينا. أتذكر يوم ظهور النتيجة بعد إمتحان نصف العام ؟ كم جذب إنتباهي ثقتك بنفسك وانت تخبرني أن تقديرك العام جيد جدا بينما أنا أخبرك و أنا أولول علي نتيجتي ذات التقدير المتواضع كم شعرت وقتها اني ضئيله صغيره أو ربما قزم بُعث أمام العملاق الكبير ليقص عليه حكاية المساء ويذهب في خفر وحياء بعدما علم أن العملاق لم يعد مهتما لأمره . لم أكن لأقبل منك عبارات المجامله السمجه التي ألقيتها علي مسامعي وقتها ..لم أكن لأقبل شفقتك وعبارة " إن شاء الله تقديرك المره الجايه يبقي أعلي ...انتبهي إنت بس". من أنت لتنبهني لأنتبه ؟ أو تع...

لا تكتئب من فضلك!"عن الاكتئاب تقنيات وحلول".

"هل ستؤدي بي الأمومة للطبيب النفسي؟" قالتها السيدة نانسي، التي تعاني من الاكتئاب الحاد لطبيبها النفسي د. ديفيد بيرن، في أولى جلساتها معه.. فسألها الدكتور بيرن: "ما شكواكِ؟"، فقالت: "أنا أُم سيئة! أنا لا أستحق أن أكون أُماً من الأساس!". فسألها بيرن: "ولِمَ؟"، فقالت: "ابني درجاته متدنية جداً وأنا السبب.. أنا أُهمله". فسألها بيرن: "وما تعريفك للأم السيئة؟". فقالت: "الأم التي تمارس العنف ضد أطفالها". فقال: "وهل تمارسين العنف ضد ابنك؟". فردّت نانسي: "بالطبع لا"، فقال الطبيب: "إذن لِمَ تصفين نفسك بذلك؟". فقالت: "لأنني.. لا أعرف.. ربما شعوري بالعجز والتقصير هو ما يُملي عليَّ ذلك". فقال: "فلنتفق إذن على أنه ليس هناك شيء اسمه أم سيئة، أما الأمهات اللاتي يمارسن العنف ضد أطفالهن فلديهن مشاكل أخرى، فلنقُل إنك أُم مقصرة وفي الحقيقة الكل مقصر.. الجميع ينقصه شيء ما.. أو فلنقُل الجميع يجتهد"، فقالت: "لست مجتهدة بما يكفي"، فسألها: "ألا تعدين له الطعام يومياً...

عزيزتي لا تكوي قميص زوجك ..احرقيه

عزيزتي لا تكوي قميص زوجك..احرقيه! تابَعت خبر زواجه بإهتمام وهي التي اتخذته رفيقا لها لتسع أعوام تخللتها علاقات عابره مع رجال آخرين، ولما قرر هو الزواج اتخذ لنفسه زوجه محبه مخلصه أخري  بينما اكتفي برساله صوتيه لها يخبرها بموعد الزفاف وطلب منها حضور الحفل كأشبينه لعروسه، الأمر الذي فجر غضبها وجعلها علي أهبة الاستعداد لتدمير هذا الحفل وهذا الزواج بكل طريقة ممكنه .. وبعد محاولات مستميه للوقيعه بين العروسين باءت كل محاولاتها بالفشل ..فما كان منها إلا إن استسلمت للقدر و اعترفت بخطأها وباركت الزواج في النهايه ..المفارقه العجيبه هنا أنه لم يشك أحدهم أبدا في نوايا جوليان أو  " جوليا روبرتس" الصديقه المخلصه لمايكل أو "ديرموت مولروني" ولم يكتشف أحدهم ألاعيبها الدنيئه لإنهاء زيجة صديقها من حبيبته الجديده كيمي أو " كاميرون دياز" في فيلم " زواج صديقي العزيز" أو My Best friend’s wedding هذا الفيلم الذي عرض في التسعينات من القرن الماضي ولقي نجاحا ساحقا والفيلم يعكس لنا واقع نعيشه الآن والذي أصبح أسهل مع إنتشار و رواج الشاشات ومواقع التواصل الإجتماعي ...