البناية ..أتت سيدة سمراء ضخمة في صبيحة يوم من أيام مدينة سياتل الممطرة، حدث
عطل ما وطلبت أعطال
..الجثة و الهيئة لتصلح العطب.. تأملتني لما فتحت الباب" أرتدي
الحجاب وأكمام طويلة " وظلت تجول بحدقتيها في كل أركان الحجرة مع أن كل
المطلوب إصلاح عطب بالمطبخ..عزمت عليها بكوبا من القهوة وقبلت عزيمتي ثم تجرأت
وسألتني بجدية لا تخلو من الفضول : أين الثلاث الأخريات؟.
قطبت حاجبيً بعدم فهم وسألتها : أي ثلاث؟ .
قالت: ألستي مسلمة؟.
قلت: نعم.
قالت: إذن أين الثلاث زوجات الأخريات؟ ألا يتزوج
المسلمون بأربعة من النساء.
كدت انفجر من الضحك وقلت في سري" عافانا
الله!"
ثم قلت لها : هذا صحيح ولكن هذا تحت ظروف معينة
وليس بكل وقت ..وبشروط..أجبتها في سرعة وأنا أحاول أن أجيب بلا مبالاة مصطنعة ولم
يخطر ببالي أن الأمر هام بالنسبة لها بهذا الشكل لأنها استمرت في الحديث نفسه، سألتني
مستفسرة: ألا تقلدون نبيكم؟ ألم يتزوج أربعة؟
فعوجت فمي ولسان حالي يقول" مادمت
مصرة" وبإبتسامة صفراء قلت : لا بل إحدي عشر زوجة واثنتان من السراري...
رفعت حاجبيها في دهشة ..واختارت الصمت ..ربما
أحست أنها سوف تحرجني إن زادت، ولكني تطوعت من عندي وسألتها : أليست إمرأة واحدة
تكفي؟
فقالت وقد انفلتت منها عبارة بنبرة حادة بعض الشئ
: بالتأكيد!
فقلت:" لكل منهن حكاية وظروف خاصة تم بها
الزواج، النبي صلي الله عليه وسلم تزوج معظمهن وكن أرامل ومطلقات ..قرر الزواج
لأول مرة بعد وفاة زوجته الأولي بأربعة عشر عاما وكانت أرملة وخمسينية مات عنها
زوجها في الحرب ولم يعد لها عائل فنحن بحسب شريعتنا القوامة للرجل هو من يتكفل
ببيته ومصاريف أسرته يتدبرها هو، وعمل المرأة اختياري ولو كان هناك حاجة له
ومساهمات الزوجة في المصاريف إختيارية وبحر إرادتها، ولأن الإسلام كان دينا جديدا
تمت محاربته بواسطة كبار كفار قريش لأنه دين التوحيد الذي سينهي حج الناس لأصنامهم
التي يكسبون منها وسيصيب تجارتهم بالكساد في موسم الحج فقامت ضده الحروب وفُقد
الإسلام الكثير من أتباعه الجدد ناهيك عمن فقدن عوائلهن بعد تحولهن للدين الجديد
فكان من الضروري رأب الصدع بتحليل الزواج بأكثر من واحدة .
فقالت:وهؤلاء القريشيون وغيرهم يحجون لمن؟
قلت : لأصنامهم.
فقالت: ولكن علي حد علمي أن ليس كل من تزوجهم
نبيكم بأرامل، لقد تزوج طفلة أيضا.
أغمضت عيني "ابتلع الإهانة" وقلت :
تقصدين السيدة عائشة؟
قالت : لا أدري ما اسمها ولكن تزوجها وهي
طفلة..هذا غريب حقا!
فقلت: وفي عمر كم تزوجت جدتك؟ وجدة جدتك؟ وجدة
جدة جدتك؟
فسكتت فاستطردت أنا: عن نفسي جدة جدتي تزوجت وهي
ابنة الثالثة عشرة وعلي أي حال
فالنبي صلي الله عليه وسلم لم يكن أول من تقدم للزواج بها رغم حداثة سنها، فقد سبقه إليها أحدهم وكان من الكفار عبدة الأوثان ولما علم أهل خطيبها بتحول أبيها للدين الجديد قرروا فسخ الخطبة وكان النبي أولي لأن ديننا يحرم الزواج من الكفار.
فالنبي صلي الله عليه وسلم لم يكن أول من تقدم للزواج بها رغم حداثة سنها، فقد سبقه إليها أحدهم وكان من الكفار عبدة الأوثان ولما علم أهل خطيبها بتحول أبيها للدين الجديد قرروا فسخ الخطبة وكان النبي أولي لأن ديننا يحرم الزواج من الكفار.
قالت ومسحة من الشك ممتزجة
بالحرج وقليل من التأهب علي وجهها : " ومن الكفار؟"
فقلت :" من لا
يؤمنون بالله ويعبدون الأصنام".
فقالت : " هذا
عجيب، لا أصدق أن هناك دين يدعو للتعدد ويبيحه بهذا الشكل ؟"
فقلت : بحسب معلوماتي
نحن الدين الوحيد الذي لا يدعو للتعدد.
طبعا أنت لست بحاجة لأن
أقول لك عن ردة فعلها، يُهيأ لي أنك تعلم
😊
ثم تابعت قائلة:"
لقد اشترط الله في أمر الزواج بأخري شرطا صعب بل مستحيل التحقيق، ألا وهو العدل
وهو سبحانه قالها في كتابه "ولن تعدلوا"، بينما حلل التعدد كنوع من
التقنين لأن أهل قريش وقتها كانوا يتزوجون بالعشرات وليس أربعة فقط ،أما الديانات
الأخري كالهندوسية فالإله كريشنا علي سبيل المثال له ما يفوق عن الستة عشر ألف
زوجة ، نبي الله إبراهيم كان له زوجتان ونبي الله داود وسليمان لهما ما يتعدي
العشرات من الزوجات".
فقالت لي بإهتمام : وهل
تزوج زوجة ابنه كما يقولون؟.
فقلت: النبي صلي الله
عليه وسلم له ثلائة أبناء من الذكور كلهم ماتوا صغارا، أما من تتحدثين عنه فكان
ابنه بالتبني وتزوج ابنة عمة النبي صلي الله عليه وسلم بأمر إلهي ثم طلقها وتزوجها
النبي بأمر مباشر من الله أيضا.
فقالت بإستغراب: وفيم
الزواج وفيم الطلاق؟
قلت: تزوجها زيد رغم
الهوة الإجتماعية بينهما كي يثبت الله لنا أن في الإسلام لا فوارق إجتماعية ولا
فارق بين عبد وسيد إلا بالتقوي، ولما زادت المشاكل والنفور بينهما لعدم قدرتهما
علي سد الفجوة بينهما طلقها زيد وبعدها تزوجها النبي صلي الله عليه وسلم حتي يحرم
الله التبني ..صورة يريك بها ما قد تؤول له الأمور لو فكرت أن تتبني طفلا".
أنهت عملها بعد دقائق من
المحادثة واكتشفت أنها كانت تعطل نفسها لنكمل الحديث ..ِشكرتني ورحلت وأنا أسأل
نفسي هل كل غير المسلمين لديهم نفس الفكرة عنا و عن نبينا العدنان؟ ..ثم عدت أقول
لنفسي " ربما ..وحتي إن كان كذلك ..فهناك مسلمون لديهم نفس سوء الفهم عن
التعدد وكأن الزواج بأخري سيحل مشكلاتهم وسيسد عنهم ديونهم وسيأتي لهم بحسن الطالع
..شعارهم تزوج أربع وابتسم للحياة!" ..دعك من ذلك، أظن أن ضيفتي أعجبتها
قهوتي!.
قصص
زوجات النبي مترجمة من كتاب
The days of the prophet Mohamed
with his wives.

Comments