Skip to main content

لم يتنمرون علينا؟

بعدما تم تشخيصي بمرض الساركويد النادر، صرت من المترددين المداومين علي مركز المسح الإشعاعي للتنقيب عن الأورام والسرطانات..
ارتاد العيادة بشكل دوري لفحص الورم .. لا أخفي عليكم كم كانت صدمة قاسية أو كما يقولون بالعامية المصرية "خضة العمر"
لما أخبرني طبيب الآشعة المختص بأن الورم بجسدي يمتد للغدد الليمفاوية تحت الإبط وبالأرجل واليدين وأن هناك إحتمالية أن أكون مصابة بسرطان الثدي الإلتهابي وهو من السرطانات النادرة والتي تتفشي بسهولة وتقتل في الحال!
 انهرت وبكيت، كل ما دار بخلدي ومن لأولادي؟ وكيف سأخبر أمي وزوجي وأهلي؟
بكيت حد النشيج، أنا لا أعلم كيف يستطيع هؤلاء "الآخرين" أن يخفوا مشاعرهم وعبراتهم وآلامهم!
هناك أوقات .. ربما مواقف لابد أن تكون أنت.. ضعيف أو مستهان.. لا يهم وليذهب المتفيهقون للجحيم!
سبحان الله لم أتوقع أن بكائي سيبكي غيري ممن لا أعرفهم، بل ربما كانت المرة الأولي التي أري هؤلاء الذين تجمعوا حولي رأفة بحالي..
أمسكت ذراعي "سيدة أربعينية أو خمسينية" أخبرتني أنها طبيبة وهي ترأس قسم المسح الإشعاعي وترقرت مقلتيها بالدموع في تأثر بالغ وأخبرتني" أنا أعلم أنه أمر مؤلم، نحن هنا في خدمتك وسنحاول مساعدتك .. اهدأي لقد اعتصر قلبي لأجلك! ..لا تسبقي الأحداث ..أنت لم تقومي بتحليل الأنسجة بعد.. ربما لم يكن سرطانا!".
هدأت لدقائق..ابتلعت كلماتها وأنا أفكر ما يحملها لتلق علي مسامعي تلك الكلمات! ربما كنت بحاجة لما قالت..في لحظات الخيبة والخذلان والضعف والانكسار نحتاج صوتا يطمئننا..يخبرنا أن كل مر سيمر،  أو أن الأمور ستكون علي ما يرام..أنت تحتاج هذا حتي وإن لم يكن ما يقال معقولا أو حقيقيا...

استجمعت قواي ثم ذهبت لمكتب الطبيب بصحبة زوجي وبدأ الطبيب يشرح لنا الاحتمالات ويركز علي ضرورة فحص الأنسجة..
وقد كان..
وفِي غرفة العمليات حيث قاموا باستخراج جزء من نسيج الورم ، كان الجراح خلوق واستقبلني بأدب جم علي عكس طبيب الآشعة الذي صدمني وهال الأمر حد أني ظننت أني مت البارحة واليوم يوم عزائي!
طمأنني بعض الشئ وقال أن النسيج الذي استخرجه من الورم أبيض اللون وهذا يقلل من احتمالية أن يكون الورم سرطاني، الورم السرطاني في أغلب الأنواع نسيجه غامق اللون أو أسود.. ورغم أنه لم يؤكد أن الورم ليس سرطاني إلا أنني شعرت وقتها بالسكينة ورغم الشاش والقطن والألم ورائحة محاليل التخدير التي عبقت بها الغرفة، إلا أنني شعرت أنني شفيت أو أن هذه العملية الجراحية إجراء روتيني لا يستدعي كل هذا الخوف والقلق من ناحيتي..
سبحان الله، قبل أسبوع واحد كنت أشعر العكس!
المرء منا كلمة.. كلمة تحييه وكلمة تميته، وكلمة تقويه وكلمة تخزيه، وكلمة تشعره أنه في أحسن حالاته وأخري تقتل قلبه وحلمه وطموحاته!
وظهرت النتيجة بعد أيام من إجراء العملية، وأقروا إجراء عملية جراحية إضافية لاستخراج عينة أخري لجامعة واشنطن.. وقد كان!
ربما كتب لي الله العافية من السرطان ولكني مازلت أتردد علي العيادة وصارت كلمات الدعم والطمأنينة التي ألقيت علي مسامعي وقت ضعفي دين في رقبتي.. ولا أعلم هل سددته أم ليس بعد!
وذات مرة في أحد مرات المتابعة وجدتها أمامي، كانت سيدة خمسينية، علي غير العادة في ذاك المكان الكئيب مبتسمة ..تتبادل الابتسامات مع الجميع وتفتعل الضحك، ولم أستطع وقتها أن أقاوم رغبتي في تحليل موقفها وتصرفاتها.. الذين يبالغون في إظهار شئ ما هم في الحقيقة عكس ما يظهرون..
من يبالغ في المرح هو في الحقيقة شخص بائس يحاول الاندماج ويسعي للتعايش والتناسي، والشخص اللي يبالغ في مخالطة الناس وافتعال المواقف للتعرف إليهم والتقرب منهم هو ليس شخص اجتماعي، الإجتماعيون لديهم أصدقاء بالفعل وليسوا بحاجة لذاك الضجيج..من يبالغ في انفتاحه علي الناس هو شخص وحيد فحسب!
ربما وحيد جدا للأسف!
قد أكون مخطئة في العموم، ولكن مرة أخري هذه السيدة لم تخيب ظني واتضح لي أنها وحيدة، أتت بمفردها لإجراء الآشعة، ثم فوجئت بالطبيب يطلب منها إجراء عملية لانتزاع جزء من الورم الذي اكتشفوه بآشعتها لتحليله!
خرجت حبيسة الدمع مكفهرة الوجه، علي عكس ما بدت في البداية، لا أعلم من أين أتتني الجرأة لسؤالها عن حالها! ولا أعلم كيف انفتحت كالقيح في جرح غائر!
ربما شعرت آنذاك أنه حان وقت سداد الدين، ولم أجد أكثر من حكايتي لتهوين الأمر عليها… ابتسمت وهدأت .. احتضنتني وقتها كرفيقة عمر!
ربما لم تهون عليها كلماتي وربما هونت وربما كانت مصابة بالمرض الخبيث وربما لا..
لكن ماذا لو كان الله أرسلنا كرسائل لبعضنا البعض؟ نتعلم من بعضنا البعض؟
ياتري ماذا ستكون رسالتك للآخر؟ وما هي حكايتك للآخرين؟

أتعجب من كل متنمر، يعشق نقد الغير أو التسفيه من شأن غيره أو من يهوي إصدار النكات سخرية من ضعف أحدهم أو من وزن أحدهم أو من الحالة الإجتماعية لأحدهم من باب المزاح أو من باب الإستعراض!
حقا؟؟؟
HOW DO YOU SLEEP AT NIGHT!!!
وكيف لو استقر بنا الحال وأصبحنا يوما من المتنمرين الذين يفتقرون للذوق ولا يجيدون التعاطف.. بحق الله ما المتعة في ذلك؟
هل نحتاج أن نمر بحال من نتنمر عليهم حتي نشعر بهم؟ هل نسينا أن العافية مما ابتلي به غيرنا ممن نتنمر عليهم رزق قد يدوم وقد يزول؟
أفيقوا واستقيموا يرحمكم الله!
روايات أخريروايات أخري


Comments

الأكثر قراءة

رواية زبيدة الفصل الرابع.. بناقص!

بناقص ------ ربما هو صباح يوم جديد، وربما كان نذير خير أن الدكتور حاتم جبريل وافق للوساطة بين عائلة زبيدة أو حسام وبين الدكتور سميح عبد المقصود تحت ضغط ابنته مريم صديقة زبيدة المقربة والمتيمة بحسام شقيق زبيدة والذي يصغرها بثلاثة أعوام كاملة !  من قال أن قصص الحب لها ناموس و ربما كان هذا الدافع الوحيد والخفي وراء موافقة مريم مساعدة زبيدة وعائلتها، الأمر يتعلق بمستقبل حسام بالكلية ناهيك عن أن سمعة سميح عبد المقصود كفيلة إن شابت أمرا فيظهر لك الطرف المظلوم دون تفكير، حبها لحسام كان دافعها، وكي تقنع أبيها بالفكرة كان الأمر يحتاج لبعض الدهاء والحيلة وتقديم المصلحة قبل كل شئ، فاستطاعت أن تقنع والدها أن مساعدة  حسام من باب تقديم السبت حتي يجدوا الأحد أمر لا خيار فيه، وإلا من -غير زبيدة- سيحول لهم الدولارات التي أرسلها عمها خالد بسعر أعلي من سعر البنك؟ ..   نعم كان هذا الاتفاق غير المكتوب بين مريم وزبيدة وبحكم عمل زبيدة في أحد شركات الصرافة العريقة بالطبع كان من السهل إقناع مدير الشركة بشراء واستبدال الدولارات مقابل حفنة إضافية من الجنيهات ولم ي...

جارتي تاجرة الحشيش..قصة قصيرة

لم تعد تحت طائلة القانون حتي و إن كانت تاجرة حشيش بحكم قانون الولاية التي نعيش فيها ، قوانين عجيبة تبيح الإتجار  بالمخدرات وترخص المجون و الفحش..وأصبح كل منا علي الأقل لديه جار شاذ جنسيا أو يتجر بالمخدرات..لن ألوم قوانين التعايش . كانت ضخمة الجثة ..لها هيبة ..صوتها كصرير الباب في أذني ..السجائر في فمها كالعلكة في فم فتاة تعشق السكاكر..عبارات السب و اللعن تجري علي لسانها كما يجري اللعاب..طيلة عامين لم تبادلني التحية ولم ترفع عينها لعيني وكأني "بحجابي" كومة قمامة! وطالما هذا هو الحال ..فلم أبادر أبدا بإلقاء التحية أو ما شابه من عبارات " صباح الخير" و" مساء الخير" المعهوده بين جيران البناية..وكأننا اتفقنا ألا نتفق ..وبمرور الوقت صار خوفي منها في زياده خصوصا بعدما رددت جارتي الأوروبية أن جارتنا هذه من الأمريكان العنصريين المتغطرسين وتفتقر للذوق ، حيث أمرت بناتها بالإنصراف عن بنات الأوروبية" التي تتحدث الإنجليزية الركيكة" لأنهما ليستا أمريكيتان مثل بناتها ..هكذا نهرت الفتاتين أمام أمهما دون أن يرمش لها جفن..ناهيك عن زوار الليل كل مساء أمام...

الفصل الثاني من روايتي " كرمالك"

الرواية كاملة رابط الرواية كاملة من هنا جلست نورا ولم تلمح نظرات الفزع والرعب المسددة نحوها من قِبَل ميشال.. السيدة الفرنسية تشعر بالرعب والهلع ما إن جلست بجوارها تلك الشابة ذات الغطاء الأخضرعلي رأسها..ألوان زيها صريحة وجريئة مما يدل علي أن هذه الشابة جريئة ولا تعرف للخوف طريقا..  ميشال خبيرة في الأزياء بحكم عملها وتعلم أنه ثمة علاقة خفية بين ما يرتديه المرء وما يفكر به.. وتجزم أن هناك خط واصل بين ما يلبسه المرء و الطريقة التي يتصرف بها بحسب طباعه وما يؤمن به.. هكذا تعلمت ميشال وهكذا تفكر.. وهكذا ازداد رعبها من تلك الشابة التي ستظل رفيقة رحلتها الطويلة من مصر إلي فرنسا. يا إلهي.. خمس ساعات من الخوف والترقب.. ربما ترتدي تلك الفتاة حزاما ناسفا تحت تلك التنورة الطويلة وربما أخرجت مسدسا من جيب سترتها الجانبي لتطلب من الجميع أن يشهروا إسلامهم أو يُقتَلون..هذا فوق الإحتمال!.. آخ لو كان لديك سيناريو معين أو فكرة مسبقة عن شئ ما ، حتما ستجد عقلك بكل الوسائل وبلا وعي يؤكد لك الفكرة ويصنع مشاهد وحكايات وربما مواقف كي تؤكد ظنونك وتسترسل في أفكارك حتي لو لم تكن أفكارا لها أي أساس من...

الفصل الأول والثاني من روايتي " كرمالك"

كِرمَالك رابط الرواية كاملة من هنا الرواية كاملة علي كندل و تطبيق كندل رابط الرواية كاملة من هنا إهداء إلي روح أبي الغالي..أحبائي زوجي الغالي وأولادي وأمي الحبيبة .. كل من علمني وكل من ألهمني ساهم في كتابة هذه الكلمات ورتب معي السطور والحكايات.. الرواية المقدمة إليكم قد تتشاب ه فيها الأحداث والأشخاص والأماكن بالحقيقة..فقط أردت أن تبدو حقيقية قدر المستطاع، وكل ما ابتغي أن أقوله.. مهلا لكل من ترك دينه وهويته وولي..مهلا لكل من يتشكك في ربه بغير علم ولا هدي ولا كتاب منير .. شكر خاص صديقتي نبال سمارة ، سارة محمود الفهرس 1- مطار القاهرة. 2-الإرهابية.. 3-مرآة المستقبل. 4-لا آكل الخنازير. 5-عقدة الإنجليزية. 6-توحدي. 7-العما بعيونك... 8- سألوني عن حجابي 9- تزوج طفله! 10-هذا رجلي 11-ديما 12-صدفة 13-كرمالك 14-كندرجارتن 15-أحبك 16-سيفيك بلازا 17-حادثة أورلاندو 18-ورود الود 19-أحمر شفاه 20-الزوج المفقود 21-هل أنت داعشية؟ 22-القيثارة 23-بلا ولا شيء 24-أنت صلعاء 25-أبغض ا...

طارق الندي " قصه قصيره". رومانسيات ، فانتازيا

طارق الندي"فانتزيا" فبراير   2008 أفتقدك يا طارق ..مر زمن طويل ولم تلتقِ أعيننا ولم تسمع أذناي لحن صوتك..نعم لصوتك نغم في أذني وله وقع في نفسي يحكي لي قصة عتاب طويل ..أتذكر حين قابلتك أول مره ونحن بالصف الأول بالجامعه ؟ أتذكر كيف كنت تحاول لفت إنتباهي وتتنظر أيما فرصه كي تتجاذب أطراف الحديث معي. ولا أعلم وقتها لِم لَم ألق لك بالا وحتي شهور لا أفهم لم كنت ترتبك وتتصبب حبات العرق عن جبينك لو رأيتني أمام ناظريك ..كنت أستغربك حينا وأتلذذ بإضطرابك حينا. أتذكر يوم ظهور النتيجة بعد إمتحان نصف العام ؟ كم جذب إنتباهي ثقتك بنفسك وانت تخبرني أن تقديرك العام جيد جدا بينما أنا أخبرك و أنا أولول علي نتيجتي ذات التقدير المتواضع كم شعرت وقتها اني ضئيله صغيره أو ربما قزم بُعث أمام العملاق الكبير ليقص عليه حكاية المساء ويذهب في خفر وحياء بعدما علم أن العملاق لم يعد مهتما لأمره . لم أكن لأقبل منك عبارات المجامله السمجه التي ألقيتها علي مسامعي وقتها ..لم أكن لأقبل شفقتك وعبارة " إن شاء الله تقديرك المره الجايه يبقي أعلي ...انتبهي إنت بس". من أنت لتنبهني لأنتبه ؟ أو تع...

لا تكتئب من فضلك!"عن الاكتئاب تقنيات وحلول".

"هل ستؤدي بي الأمومة للطبيب النفسي؟" قالتها السيدة نانسي، التي تعاني من الاكتئاب الحاد لطبيبها النفسي د. ديفيد بيرن، في أولى جلساتها معه.. فسألها الدكتور بيرن: "ما شكواكِ؟"، فقالت: "أنا أُم سيئة! أنا لا أستحق أن أكون أُماً من الأساس!". فسألها بيرن: "ولِمَ؟"، فقالت: "ابني درجاته متدنية جداً وأنا السبب.. أنا أُهمله". فسألها بيرن: "وما تعريفك للأم السيئة؟". فقالت: "الأم التي تمارس العنف ضد أطفالها". فقال: "وهل تمارسين العنف ضد ابنك؟". فردّت نانسي: "بالطبع لا"، فقال الطبيب: "إذن لِمَ تصفين نفسك بذلك؟". فقالت: "لأنني.. لا أعرف.. ربما شعوري بالعجز والتقصير هو ما يُملي عليَّ ذلك". فقال: "فلنتفق إذن على أنه ليس هناك شيء اسمه أم سيئة، أما الأمهات اللاتي يمارسن العنف ضد أطفالهن فلديهن مشاكل أخرى، فلنقُل إنك أُم مقصرة وفي الحقيقة الكل مقصر.. الجميع ينقصه شيء ما.. أو فلنقُل الجميع يجتهد"، فقالت: "لست مجتهدة بما يكفي"، فسألها: "ألا تعدين له الطعام يومياً...

عزيزتي لا تكوي قميص زوجك ..احرقيه

عزيزتي لا تكوي قميص زوجك..احرقيه! تابَعت خبر زواجه بإهتمام وهي التي اتخذته رفيقا لها لتسع أعوام تخللتها علاقات عابره مع رجال آخرين، ولما قرر هو الزواج اتخذ لنفسه زوجه محبه مخلصه أخري  بينما اكتفي برساله صوتيه لها يخبرها بموعد الزفاف وطلب منها حضور الحفل كأشبينه لعروسه، الأمر الذي فجر غضبها وجعلها علي أهبة الاستعداد لتدمير هذا الحفل وهذا الزواج بكل طريقة ممكنه .. وبعد محاولات مستميه للوقيعه بين العروسين باءت كل محاولاتها بالفشل ..فما كان منها إلا إن استسلمت للقدر و اعترفت بخطأها وباركت الزواج في النهايه ..المفارقه العجيبه هنا أنه لم يشك أحدهم أبدا في نوايا جوليان أو  " جوليا روبرتس" الصديقه المخلصه لمايكل أو "ديرموت مولروني" ولم يكتشف أحدهم ألاعيبها الدنيئه لإنهاء زيجة صديقها من حبيبته الجديده كيمي أو " كاميرون دياز" في فيلم " زواج صديقي العزيز" أو My Best friend’s wedding هذا الفيلم الذي عرض في التسعينات من القرن الماضي ولقي نجاحا ساحقا والفيلم يعكس لنا واقع نعيشه الآن والذي أصبح أسهل مع إنتشار و رواج الشاشات ومواقع التواصل الإجتماعي ...