السؤال
الآن، ما الفرة التي أصابت شاشاتك وبيوتك يا مصر؟؟؟
لو
فرضنا أنني سيدة من الطبقة تحت المتوسطة، زوجي مريض ولي من من الأطفال خمسة، وبعد
مرض زوجي وعدم قدرته علي العمل، بعنا كل ما نملك وابتعنا ميكروباصا أو تاكسيا أو
سيارة أجرة ..ولما وجدت كل من استأجرتهم لقيادة سيارتنا يسرقون مالنا عيانا بيانا،
قررت أن أعمل عليه بنفسي..أقضي لفلانة حاجياتها، وابتاع لعلانة مشترواتها، وهذه
أجلب لها أطفالها من المدرسة، وتلك أصحب أطفالها للنادي وانتظرهم حتي تنتهي
تمريناتهم.. ورضيت بحالي وأربي أطفالي في صمت ورضا ولا شكوي، ويأتي اليوم التي
تظهر علي الشاشة تلك المذيعة، تطل علينا في أبهي صورة وأفخر ثياب، وميك-أب أعتقد
أن ثمنه وحده يكفي لإطعام أولادي حتي يتخرج أطفالهم من الجامعة، لتخبرني في كل
حلقة وكل مقطع فيديو وكل مناسبة وكل برنامج، أنني استحق حياة أفضل من تلك، تؤكد لي
أن حياتي سأعيشها مرة واحدة وطالما هي حياة واحدة فلأحياها بكرامة ويجب أن أسعد
نفسي ..حقا؟
حقا
كيف؟ ماذا لو كانت الديون جزءا لا يتجزأ من حياتي؟ ماذا لو كانت تعاستي لا تنتهي؟
ماذا لو كل من حولي هم سبب شقائي في نفس ذات الوقت الذي لا أتخيل حياتي بدونهم؟
حسنا..فلنفترض
أني فتاة في مقتبل العمر، أعمل في محل لبيع الملابس، مخطوبة منذ سنين طويلة، وخطيبي
يعمل منذ سنين، وندخر معا لأجل عيش الزوجية السعيد، الحب بالنسبة لي هو خطيبي ولا
أعلم للحب معني سواه، وهذا رغم مزاجه العصبي ..رغم فلتات لسانه ورغم ذلاته في حقي،
وبقدر حبي له بقدر مسامحتي له، ليس ضعف مني، أنا قوية جدا، ولأني قوية لا أجد في
الزوج المهادن المطيع- من يجيد فن الهدايا والدباديب- رجلا مناسبا، وحتي يأتي
اليوم الذي تطل علي تلك الحيزبون تخبرني وتخبر كل الفتيات أمثالي أن ما يفعله
خطيبي العصبي في فترة الخطوبة سيكون عينة مما سيفعله بعد الزواج، ويجب أن انتبه
لذلك وأن أهرب من تلك الزيجة والتي في نظرها هي زيجة فاشلة منذ البداية.. هكذا بكل
بساطة..حكمت علي حياتي أنها حياة لا أستحقها وربما استحققت أفضل منها ولا أعلم من
أين يأتي الأفضل وقد دربت نفسي لسنين علي تلك الحياة..
فلنقل
أني تلك الزوجة التي تزوجت قريبها أو حبيبها أو جارها الذي يسكن مع أهله في نفس
البناية، أعيش بين أهل زوجي وأراهم كل يوم، تحدث المشكلات كلما زاد الاحتكاك لأني
طبعا أراهم بشكل يومي، لكن زوجي طيب معي حتي وإن انتقدوه، كريم معي حتي لو عابوه،
هي فقط أمه نقطة ضعفه وأمه هي أيضا نقطة الخلاف، واصبر لأنها أمه وأخفي همي حتي لا
أوقع بينهما، أردد لنفسي أني أم ويوما ما سيصير لي كِنة وما أفعله مع أم زوجي
ستفعله معي كِنتي مستقبلا، وقد يكون هذا غير صحيح، ليس ما يفعل المرء دائما مردود
له في جعبته، علمتني الأقدار أنه قد تفعل الخير والصواب ويرد إليك بأطنان من الشر
و الخراب ولكني أفعل الصواب علي أي حال، هذا يريحني..يريحني جدا، حتي تأتي تلك
الشمطاء بنظراتها ولفتاتها الإستعراضية وإيماءاتها تخبرني بغنج واعوجاج أنني
يمكنني أن أخبر زوجي أنه لا طاقة لي بزيارة أمه، وإن رفع صوته عاليا يمكنني
التمادي بتغيير "توناتي" أي نبرات صوتي لكني أبدا لا يجب أن أرفع صوتي عليه..
ياللسخرية..! ألا يفيقها أحدهم ويعلمها أنها تخاطب شعبا أكثر من 40% من سكانه تحت
خط الفقر والجوع والجهل؟ فيهم من يتقاسمون مع أهليهم بيوتهم وأحيانا حجراتهم؟
لسنا
كلنا هوانم النوادي والكافيهات، من صببن علي أجسادهن نقيعا من أرقي العطور
العالمية في كل مناسبة ودون أي مناسبة وليس لنا سيرة إلا زواج المشاهير وطلاقهم!
لو كان
المحتوي الكيدي الرخيص الرث هذا هو ما يعرض علي شاشات التلفزة، محتوي يبث الكراهية
ويخبب الزوجات علي أزواجهم وينهي علاقات استثمر فيها أصحابها سنين طويلة، من سيقول
للزوجات اصبري ولك الأجر، من سيخبر الفتيات أن هدم البيوت أسهل من بنائها؟ أين
أصوات العقل والحكمة؟ من سيخبر الزوجات أن زوجها الملئ بالعيوب هذا هو بشر مثلها
وهي أيضا لها أخطاء هو يكرهها منها ويتحملها باسم المودة و العشرة؟
ومن
سيذكر الأزواج أن كرامة زوجته من كرامته؟ ومن سيذكر الأزواج أن الله تعالي لما وجد
آدم عليه السلام وحيدا، اختار له زوجة كي تؤنسه وتشاركه وتحميه من وحدته ووحشته
ولم يخلقها أما أو رجلا مثله، وخلقها أضعف منه في البنية الجسدية لكي تؤوي
إليه..إذن لجوءها له قمة قوتها، وحمايته لها -لا تجبره عليها- قمة قوته.
من
سيذكر الناس أن العلاقات والبيوت ليس معتركا لمن يغلب ولا حلبة مصارعة؟ من سيذكر
النسوة أن ظل الرجل أحيانا أفضل من ظل حيطة؟ - طالما لا يسئ لدينها، طالما يحسن
عشرتها، طالما له ذكريات طيبة معها، طالما هناك أبناء وهو ينفق عليهم قدر سعته،
طالما يعلم ما عليه وحتي إن قصر في بعض الحقوق، فمن منا كامل بلا عيوب؟؟؟
مجتمعنا بحاجة لمن يجيد دور الناصح المحب الأمين، بحاجة
إلي مصلحين إجتماعيين، بحاجة لكوادر تخبرنا أن ليس هناك نموذجا حقيقيا للعائلة
السعيدة مكتملة البهجة الذي نتمناه ونتناحر بحثا عنه، ببساطة نحتاج من يقول" كل
البيوت علي ده وده، خللي مركبتك تعدي
و تمشي!"
ومن
ناحية أخري، الأبواق الإعلامية التي تفتي بالزواج بأخريات لحل المشاكل الزوجية
باسم اتباع النبي صلي الله عليه وسلم، نعم أنتم تستطيعون حل مشاكلكم الذكورية
بالزواج بأخريات، وكذلك تستطيعون بناء أسر أكبر عددا، لكن هل كل ما يهم الكم؟ أو
ليس الكيف مهما أيضا؟
إلي من
ينزعون من الرجال سطوتهم باسم الفيمينزم.. أنتم تحرقون غصون الزيتون..أنتم ضد
الفطرة.
ومن
ينزعون من النساء راحتهن وهناء بيوتهن باسم الدين، أنتم تأتون بمائة يعقوب وألف
يوسف!

Comments