منذ
عامين تقريبا، وجدت إعلانا في أحد المجموعات النسائية علي إحدي مواقع التواصل
الإجتماعي عن قناة راديو بكندا، يطلبون في الإعلان مذيعين ومقدمي برامج، وبحكم أن
لي تجربة سابقة في التسجيل الصوتي للكتب الصوتية قدمت سيرتي الذاتية وبعض تسجيلاتي
بالعربية والإنجليزية.
في أقل
من يومين، قبلت، وكانت الفكرة أن أقوم بعمل برنامج عبارة عن حواديت وحكايات
للأطفال، ورغم أن العمل تطوعي بنسبة مائة بالمائة إلا أنها تجربة فريدة تستحق
البذل، وكان الإتفاق أن ارسل لهم "برومو" أو تقديم للبرنامج عن ماهية
الحلقات والمحتوي الذي يعرضه وقد كان، واستقبلوا البرومو بالتهليل العريض، ثم تم
الإتفاق علي أن ارسل لهم خمس حلقات منفصلة مسبقا وتحسبا لأي ظروف، وستذاع الحلقة يوميا
مرتين، مرة في الصباح والأخري في المساء، والحواديت بالعامية المصرية، وارسلوا لي
بضع ملفات لأسجل ببرامجهم لإنتاج الملفات الصوتية بالطريقة والشكل الذي يعمل بشكل
جيد علي أجهزتهم.
وبالفعل
سجلت حلقتين، وبعدها انقطعت اتصالاتهم، ثم أخبرني القائم علي القناة أن الفكرة
"سيئة للغاية" وهذا بعد "أن كانت الفكرة رائعة وغير مسبوقة
ونحتاجها لأطفالنا العرب في الغربة"، واندهشت جدا من غرابة سلوكهم واستنكرت
عليهم إضاعة وقتي والعيب في إنتاجي خصوصا أنني سرت علي كل الخطوات وقد قبلوني منذ
البداية أصلا، فما السر وراء هذا التغيير المفاجئ وما سبب ذاك الرفض بهذا الشكل
المهين المخفي وراء كلمات دباجة مثل " لو عندك فكرة برنامج تانية
ابعتيها"!
وبالطبع
رفضت التعاون معهم مرة أخري لأن تغيير الرأي المفاجئ والقرارات المفاجئة غير
الحكيمة المتضاربة، والرفض الصلف المتعجرف من سمات الإدارة المفككة غير الناجحة،
الإدارات الفاشلة التي يرأسها المدير وعبيده وليس موظفيه، لا رؤية، لا منطق، لا
ثبات، لا فريق عمل، المدير وما بعده الطوفان.
وحتي أجنب
نفسي الأسي وسوء الحالة النفسية بعد ما حدث، عللت فعلهم بأنه غريب حقا ولكن ربما
تصفحوا صفحتي الشخصية علي موقع فيسبوك وربما تعارضت آرائي وأيدلوجياتي وأفكاري مع
سياستهم لذا قرروا وقف التعاون معي خوفا من سرطنة قنواتهم ودرئا لدس السم في العسل،
وكنت قبلا من هؤلاء الذين يشاركون آراءهم السياسية تحديدا علي السوشيال ميديا رغبة
في التواصل مع الآخرين وتقريب وجهات النظر، ولكن لما وجدت أني اخسر أصدقائي
وجيراني وأقاربي وأناس اعرفهم شخصيا ولي معهم ذكريات طيبة ووجدت أن لا فائدة من
إقناعهم، توقفت عن مشاركة الأخبار السياسية والسخرية وكل ما يجلب لي العداء وما
أنا في غني عنه.
وانتهي
الحال علي أنني لدي قناتي الخاصة بها ملفاتي الخاصة وسأحقق النجاح المرجو لو ركزت
مجهوداتي فيها، وفي صبيحة اليوم التالي وجدت أعدادا غفيرة من المتابعين علي قناة
ساوند كلاود الخاصة بي، ومعظم المتابعين الجدد من كندا، وقبل أن أسعد بهذا التغيير
وجدت حاسوبي -حاسوب العمل- بطيئا جدا، وجدت نفسي اضغط أزراره عشرات المرات كي تظهر الصفحة ثم
ظهرت لي رسالة تحذير أن الحاسوب تم تهكيره وسيتم سرقته، وضمانا لحفظ بياناتي
وبريدي وكل ما يهم توجب علي الشركة التي أعمل بها أن توقف حسابي حتي لا تقبع فيروساتي في
الشبكة وحتي يتم إصلاح العطب علي أن أتواصل مع شركة الإنترنت بنفسي ليتأكدوا من
هويتي لإعادة حسابي ولإعادة الإنترنت!
وكل ما
اذكره أن هذه أول وآخر مرة أتعاون مع مجهولي الهوية ومحترفي سرقة الأفكار والمجهود،
فكانت الحادثة الأولي من نوعها في حياتي ولم يتم تحميل أي ملفات جديدة علي حاسوبي
إلا الملفات التي شاركها معي القائم علي قناة الراديو الكنداوي.
كانت
صدمة بالنسبة لي، ولكن تجاوزت الأمر لما علمت أن هذا أمر شائع خصوصا في الوطن
العربي لأنه لا يوجد قوانين جادة لحماية الإنتاج والأفكار.
في
العام قبل الماضي، سُرقت إحدي الروايات المقدمة في إحدي المسابقات لأحد الكتاب
المصريين الشباب وطبعت الرواية باسم كاتبة مغربية مع تغيير الغلاف واسم الرواية
وتم طرحها في منافذ البيع باسم الكاتبة القديرة وغير ذلك كثير وحدث ولا حرج!
المثير
للأسي أن سرقة الأفكار تعد أمرا بالغ الخطورة في البلدان الأخري، سرقة تُجرم
ويحاسب عليها القانون وتنتقد بشدة ، فقبل عامين من اليوم وفي خطاب لسيدة أمريكا
الأولي ميلانيا ترامب، اقتبست ميلانيا جملة من سطرين من أحد خطابات سيدة أمريكا
الأولي السابقة ميشيل أوباما وقامت الصحافة ولم تقعد لأن هذه جريمة يحاسب عليها
القانون في العالم أجمع إلا البلاد العربية بكل أسف!
لا
ضمان لحقوق الملكية الفكرية ولا ضمان لحرية الإبداع إلا لو كنت مشهورا ولديك واسطة
جيدة أو أب يفرضك علي المجال ويدخلك الباب من أوسع أبوابه وكأن الموهبة والإبداع
حكر علي أشخاص معينين وأبناءهم ورثوها لهم
ضمن الميراث!
بحق
الله، ألا تري أن حقوق الملكية الفكرية في الوطن العربي أشبه بماء البطيخ؟، لا أصل
لها ولا ماهية... فقط تحصل عليها لو كان لديك بطيخا من الأساس، لكن لو كنت مبتدئا
فبالطبع هناك من سيسرق بطيختك
وينسبها لنفسه..لن يحاسبه أحد لأن حقوق الملكية
الفكرية لمن يملكون البطيخ فقط!

Comments