كان زميل ابني الأكبر في مدرسته، من
بلاد الهند، مهذب وأحسبه علي خلق، غاب فترة عن الدراسة، فتواصلت مع والدته لأجد أنها رزقت
بمولود جديد، فذهبت لأبارك.
علي غير المعتاد في مناسبة كهذه وجدتها حزينة، وتحدثت إلي عن
شعورها المستمر بالوحدة والغربة ونبهتني لأمر الكثير منا لا يدركه وهو الإصابة بإكتئاب
ما بعد الولادة، وحدثتني عن الاكتئاب وعلو معدلات حالات الإنتحار في ولاية واشنطن، وكانت المرة الأولي التي ينبهني أحدهم لأهمية الاهتمام بالصحة النفسية و
العقلية. الاهتمام بالصحة والنفسية ليس رفاهية علي الإطلاق وليس الإهتمام بالصحة
العقلية شئ يقلل منك، بل هو إجراء احترازي للوقاية والوعي بالنفس لحمايتها.
ما لا تعرفه الكثيرات منا نحن
الأمهات عن الاكتئاب أن هناك نوع من الاكتئاب يصيب السيدات في فترة النفاث، وذكرني
حديث السيدة الهندوسية بتلك المرأة البسيطة التي أتت من الريف لمساعدتنا في أعمال
المنزل وتحدثت أنها قررت ألا تنجب المزيد من الأطفال خصوصا بعدما وجدوها تضع
رضيعها في فرن المنزل بعدما انتهت من الخبز وأرهقها العمل المنزلي، لحقوا بالصغير
قبلما تلتقفه النيران.. وأخبرتنا أنها لم تكن تع وقتها ما حدث وكأنها كانت تحت تأثير مخدر، كل
ما كانت تفكر به أنها تعيسة وحياتها تعيسة ولا داع لإنجاب المزيد من التعساء الذين
ستظلمهم الدنيا كما ظلمتها، وما عليها إلا أن تريح هذا الصغير من المصير التعيس بإنتظاره!
أراهن أنك الآن تشعر بالغثيان عزيزي
القارئ بعدما قرأت، لكن هذا ما يفعله الاكتئاب بك دون أن تدري..
الاكتئاب الموحش الذي يجثم علي
صدرك، يكبلك، يمنعك، يخيل إليك أن هناك الكثير لم تقم بفعله ولن تفعله فتستسلم
للشعور بالعجز والإحباط فتمر الأيام مكررة
وكئيبة روتينية، يوم تلو الآخر لا جديد وهكذا دواليك.
الحل أن تكسر دائرة التكرار
أن تبتكر شيئا جديدا وتخلق فرصا
الحل أن تقاوم أن تسعي
وقبل كل هذا تتحدث حديثا إيجابيا
لتحفيز نفسك.. ربما تظن أن الأمر ليس بهذه السهولة، وفي الحقيقة هو ليس كذلك، ولكن
سيتأتي بمرور الوقت وبدوام الممارسة. تذكر أنك تمارس الحديث السلبي وتدوام علي
متابعة الأخبار الكئيبة بالإضافة لضغط
العمل والحياة وتتعرض لهذه الجرعة اليومية طوال الأسبوع، طوال أيام السنة، فماذا
ستكون النتيجة؟
والعكس صحيح، ماذا لو كانت الجرعة
تحفيزية؟
المشكلة الحقيقة إن كنت تعاني من أعراض
الاكتئاب ولا تدر
وبعد العزلة الاجتماعية التي نمر
بها الآن وعدم سريان الحياة بشكل طبيعي فنحن أكثر عرضة للاكتئاب بكل تأكيد..
والاكتئاب يأخذ أشكال عدة
الاكتئاب يعني رغبة في البكاء دون
سبب
عجز وعدم رغبة في إنجاز المهام
البحث في الذكريات المؤلمة ولوم
النفس
استحقار الإنجازات السابقة وتحقير
الذات
عدم القدرة علي الشعور بالبهجة
والنقمة علي فرح الآخرين
ولو زاد الأمر قد يصل للألم العضوي
والمعاناة الجسدية أيضا
وآخرها الانتحار
لذا وجب علينا الوعي بمشاعرنا
وتقبلها
علينا ممارسة الرضا
الإحسان للنفس وممارسة الحديث
الايجابي مع النفس بالرد علي الافكار السلبية
ممارسة تمارين الامتنان للأشياء و
تفقد النعم
وهذا من افضل التمارين التي تعدل من
كيمياء الدماغ بعد ٢١ يوم من ممارستها
مارس الامتنان لثلاث من الأشياء
الجيدة التي حدثت لك وليست من الضروري أن تكون إنجازًا
قد يكون الحدث السعيد المبهج أنك أعدتي
ترتيب غرفتك
أو غطت ف نوم عميق دون أرق
قد يكون الإنجاز أنك تناولت قطعة من
الحلوي لذيذة المذاق او انتهيت من قراءة مقال جيد أو مر اليوم بسلام دون أحداث
سيئة
أو ربما يكون الحدث الأعظم أنك انتهيت
من الاعمال المنزلية
أو اتصلت بصديق قديم
أو سمعت خبرا سعيدا عن أحدهم
مارس السعادة ولا تنس الرضا والا
متنان
تذكر أنك دائما الشخص الذي تظنه لذا
أحسن اختيار ما تريد أن تكون
وعلي العكس تمام
ممارسة الغضب والحنق والبحث عن الصغائر
والمشكلات تعكر صفوك وتزيد من إفراز هرمون التوتر والقلق الكورتيزول وهذا يضعف
مناعتك ويجلب لك الأمراض
احرص علي تناول الأخضر من الطعام
وخصوصا الغض الذي لم يتم طهيه
إن شعرت أنك لست علي ما يرام، تحدث إلي شخص
تحبه ويشعرك أن العالم بخير
افحص معدلات فيتامين دال وتأكد ان
منسوبه طبيعي لأن نقصه يضعف المناعة ويسمونه القاتل الخفي
داوم علي وردك وصلاتك واذكارك
فالروح أيضا بحاجة للزاد
استمع لمن يعلمك ويلهمك
وداوم علي ذلك.

Comments