مدونتي علي عربي بوست
مقالات صوتية شامة عمران
من أجل حفنة
من اللايكات. اللايكات مفيدة للصحة!
لي واحدة من
صديقاتي كان لها حضور كبير علي السوشال ميديا أو مواقع التواصل الاجتماعي، بعد فترة
قررت الابتعاد تماما عن الظهور الاعلامي عليها ومتابعة الأخبار ونشرها عليها،
بينما كانت هي في أوج تألقها ونجحت في أن تُعلم الناس بما تقدمه لأبناء جلدتها، لا
أعلم سبب اختفاءها المفاجئ واحترم قرارها بشدة، فهي استطاعت أن تتغلب علي أحد
الإدمانات المخفية تحت شعار التواصل الاجتماعي والتبادل الثقافي ونشر الأخبار
الهامة وبعض الأحيان تبادل السلع وقضاء المنافع العامة مثل البحث عن موظفين أو
وظائف شاغرة أو إعلانات عن ورش تعليمية أو ندوات ومحاضرات، لكن نفس المنصات بعينها
تستخدم لبيع بيانات المشتركين للشركات المعلنة والحكومات في بعض البلدان، فقانون
بلد مثل أمريكا مثلا يسمح ببيع بيانات المستهلك كل عام. وكان هذا من أحد أهم أسباب
صديقتي للابتعاد عن هذه المنصات.
وفي قرارة
نفسي أجده قرار فيه من الحكمة الكثير، فنسبة الفائدة من مقاطعة مواقع التواصل بالمقارنة
بالضرر منها كبيرة، وكأنك في منجم تحفر لساعات من أجل القليل من المعلومات وفي
خلال بحثك تصطدم بالكثير مما هو سام وضار ومؤذ.
المشكلة الحقيقية
فيمن يتبارون في اجتلاب المتابعين بالزيف والتدليس، فعلي سبيل المثال لا الحصر تبنت
البلوجر الشهيرة مايكا ستوفر طفلا توحديا من الصين لتربيه وبعد أكثر من سبعة وعشرين فيديو عن الطفل
و عن رحلة تبنيه وملايين الإعجابات و عشرات الإعلانات المدفوعة علي قناتهم، ما كان
من العائلة السعيدة إلا أن تتخلي عن الطفل والسعي في تركه لدي أسرة أخري مدي
الحياة متعللين بأن الإدارة التي سمحت لهم بتبني الطفل لم تكن بالشفافية الكافية
لتخبرهم عن ماهية الحالة الصحية للطفل، فوجدوا أن الطفل بحاجة لرعاية واهتمام تجاوز
قدرات الأسرة .
وتلك الأسرة
الأخري التي تشارك أنشطتهم اليومية حتي رحلاتهم إلي المتجرلشراء اللعب المبالغ في
ثمنها وجلها عليها صور نفس الطفل البلوجر، وما الفيديو إلا عبارة عن استعراض للعب
وكيفية اللعب بها، والأطفال يكتفون بالمشاهدة عوضا عن اللعب!
وعائلة أخري
بها أربع مراهقين يفتعلون المقالب، ويلعبون بشتي أنواع الطعام في ترف وأسراف
لإضحاك المشاهديم الذي سيشترون قمصانهم وخواتمهم وألعابهم التي يرشحونها للشراء.
تُري ما
المتعة في مشاهدة الآخرين وهم يلعبون ويأكلون ويعيشون حيواتهم ويعرضونها؟ ما
الفائدة التي أتت علينا لنتأثر بما فعلوا ونفعل مثلهم لأن هذه بحكم خبرتهم هي
الحياة المثالية؟ ولم كل هذه الفيديوهات دون موضوع محدد أو مضمون مفيد؟
كل هذا من
أجل حفنة لايكات، ولو زادت اللايكات، زاد المشاهدون، فيزداد طلب الإعلانات وهكذا يتحدد
سعرك.
لما وجدت
الجميع خصوصا بعد تأثر العالم أجمع بأزمة الكورونا يتوجهون للتسويق الألكتروني وفن
صناعة المحتوي، أخذني الفضول لأقرأ في هذا الموضوع، وقرأت عن موضوع كسب المال من
خلال قنوات منصات التواصل الاجتماعي، واكتشفت مدي إجحاف هذه الجهات في شروطها، فلابد
أن يتعدي عدد المشتركين رقما يتعدي الألف مشترك، وكذلك يجب أن يتعدي عدد المشاهدات
العشرة ألالاف مشاهدة وأن تتجاوز مدة المشاهدة الثلاث دقائق الأولي وكلما طال
الفيديو كلما كان أفضل حتي يستطيعون حشو الفيديو بإعلانات كثيرة والتي في الأغلب
الأعم مملة، وعلي الأحري الإعلان سيكون عن بضاعة قد أصابها البوار وفي الغالب أنت
لست بحاجة لها، لينتهي بك الأمر أن تضغط " تخطي الإعلان" في ملل ولا
تتذكر حتي بعد دقائق عن كُنه البضاعة المعلن عنها أساسا، وكل هذا لا يعني شيئا إن
كان مشاهديك من دولة لا تدفع بالدولار، أنت تحصل علي المال بعملة مشاهديك...تخيل؟
يصنعون منا بهلوانات،
هذا يفتعل السماجة أحيانا وهذا يكذب أحيانا ويلفق أحيانا، وهذه تتفنن في الكذب من
أجل حفنة لايكات، يصنعون منك مسخا ينتظر كل حدث ليشاركه دون أن يستمتع به من أجل
حفنة لايكات، يجبرونك علي بيع خصوصيتك بأبخس ثمن وحفنة من اللايكات.
لا تنزعج
عزيزي القارئ فأنا مثلك، انتظر أم فاتن علي أحر من الجمر كي تخبرني بما ابتاعته من
السوق اليوم، وماذا أهدتها صديقاتها في عيد ميلادها، وما الذي اشترته من ذاك
الدكان وما الذي تنصح بشرائه من هذا الحانوت، وأنا أصدقها وأنهال عليها بلايكاتي
وأرد بضراوة علي " العقربة" التي تضايقها في التعليقات وانحاز لأجلها في
كل مرة لأني أعلم من فيديوهاتها أن أكل العيش مُر و أنها مضطرة من أجل حفنة
لايكات، وأنا أيضا أملأ فراغي ومضطرة من
أجل حفنة لايكات، والعقربة مضظرة أيضا لأنها ستفتتح بيزنس منافس وبحاجة لحفنة من
اللايكات وهذا أيضا الذي يعثو في الأرض فسادا، يرتاد أروقة التعليقات يصلح هذه علي
هذه ويذهب للشات مع هذه، وهذه، هو أيضا مضطر من أجل حفنة من الحسناوات الفاتنات
ولا بئس بالقليل من اللايكات.

Comments