Skip to main content

عن السفر والترحال، المرء ينضج بالتجارب لا بالسنين!



 سُئلت ذات مرة:" برأيك ما العمر الأنسب للسفر والترحال؟"

وفي الحقيقة أنا علي قناعة أن كل منا كائن منفرد بذاته، تميزه أشياء وتعيبه أشياء أخري، كل منا تجربة فريدة، تنجح معه أشياء وتسقط عنه أشياء أخري. لا يمكن قولبة تجربة فلان وسكبها في جعبة علان. هذا ليس من العدل وليس من المنطق، لكن هناك أمور قد تتشابه بداياتها ونهاياتها وما علينا إلا الصبر علي التجربة وترقب النتائج. 

برأيي المتواضع، سبب السفر عامل هام جدا في تحديد أهميته وكذلك سن المسافر وظروفه الاجتماعية، فمثلا لو كان سبب السفر هو الدراسة أو العمل أو التنقيب عنفرص جديدة، فالمرء منا يمكنه أن يكون أفضل نسخة من نفسه في أي وقت وبأي مكان وحين إن أراد وخصوصا إن حُيزت له الظروف.

ومن واجبنا نحو أن أنفسنا أن نسعي دائما وراء الفرص و أن نبحث في ذواتنا عن كل ما هو جيد، وأن نبحث في قدراتنا عن كل ما هو مستطاع ونزيد عليه، هكذا تُعاش الحيوات.

علي المرء منا أن يكون فاعلا، فاعلا بكل قوته وبكل جهده  ولا ينبغي أبدا أن يجلس علي مقعد المتفرج الناقم علي تجارب الآخرين، ينقد وينقد ولا يفعل. ينقد ويحكم علي تجارب الآخرين بعدسة رؤياه ضيقة الأفق علي الأرجح.  ضيق الأفق إرث فقر التجارب. 

المرء منا ينضج بالتجارب وليس بالسنين!

في أحد قصص بريد الجمعة يروي صاحب القلم الرحيم، الكاتب الكبير عبد الوهاب مطاوع عن أنه في ذات مرة وعندما كان شابا مغتربا بأحد المدن الأوروبية وقد قرر شراء سيارة من مدينة إيطاليا المجاورة ، ولم يقرر شراءها من حيث يقطن لأن تكلفتها أقل في المدينة الإيطالية ميلان. ولأنها أول مرة يُقدم علي شراء سيارة، فقد أعد العدة وسأل الناس وابتاع الخرائط وأجري بحثا وافيا عن الرحلة قُبيل السفر. وتوقف عند محطة القطار ليبتاع التذاكر تختلط عليه مشاعر الفرحة بالتجربة الجديدة ومشاعر القلق منها، فتردد لدقيقة قبل أن يسأل موظف شباك التذاكر عن الرحلة وأخبره بخططه وأنه ذاهب لشراء سيارة وسيعود بها من ميلان بإيطاليا إلي هنا، فرد العامل في فرح أنها رحلة رائعة ستكون غامرة بالمتعة والمغامرة، فانتابه القلق فسأل العامل مرة أخري:" ماذا تقصد بالمغامرة؟"، فسأله الموظف:" أهذه أول مرة لك؟"، فأجابه الكاتب الكبير بنعم، فنظر له الموظف نظرة شفقة وقال له محاولا الإبتسام :" رحلة سعيدة!"

وكانت رحلة سعيدة موفقة حتي وجد الكاتب نفسه يسير بالسيارة علي ممر ستلفيو وحده وهو ممر من أخطر ممرات العالم بين الجبال الشاهقة. وجد نفسه يقودبمهاراته القيادية المتواضعة وسيارته الجديدة والمستعملة سابقا ومحدودة القدرات. سار ببطئ وتحاشي النظر لجانبي الطريق، كانت دقائق من الهلاك البطئ والدماء المتجمدة في العروق وكل آيات الذكر الحكيم حتي انتهي الطريق.

" حمدا لله لقد وصلنا!" رددها وارتكن إلي جانب الطريق وسجدا شكرا لله علي سلامته، وبعدها قال، لو سألني أحدهم وأنا في الخمسين من عمري الآن، هل تفعلها ثانية ؟ سأقول قطعا لا.

وهنا أتفق إلي حد كبير مع الكاتب الكبير، فكلما مر بناالعمر، أصبحنا أكثر حرصا علي حيواتنا وأقل إقبالا علي التجارب الجديدة والخروج من منطقة الراحة.

Comfort Zone

ولكن علي المدي الطويل، التكرار والروتين يؤدي للفتور والبلادة ثم الاكتئاب، وبالتبعية هذا يدمر الخلاياالعصبية، وبحسب أحد دراسات جامعة هارفارد فإن ممارسة عادات جديدة، واكتساب مهارات جديدة وتعلم أشياء جديدة والتعرف إلي شخصيات جديدة يحفز المخ لإنتاج خلايا عصبية جديدة ومن ثم يحمي المخ من أمراض الشيخوخة كالزهايمر، وكذلك ممارسة الرياضة والألعاب الألكترونية التي تتطلب جهدا ذهنيا وتمارين تدريب الذاكرة كذلك. وتجديد الخلايا العصبية بدوره يحمي من الاكتئاب.

ومن ناحية أخري لو كان السفر من أجل دواعي الترويح عن النفس، فينبغي مراعاة الظروف العائلية و وضع الميزانية بعين الاعتبار وكذلك مراعاة إن كان المكان المقصودمناسب لاصطحاب الأطفال و العائلات أم لا. أما وإن كان السفر من أجل التجربة، فكما قلت سابقا، إن توفر الوقت والصحة وساعدتنا الظروف والإمكانات فلم لا؟ أما إن قابلتنا التعجيزات و الصعوبات والمخاطر فكم من مجرب لم يطله من تجربته إلا العناء، وكم من مسافر عجزته الظروف وعاد بخفي حنين. 

اسع حيث كُتب لك رزقك، وتفقد نعم الله عليك، وشنف آذانكلرسائل الله لك، وارض دائما، الرضا جنة الله في الأرض وكنز المؤمن في السماء.

Comments

الأكثر قراءة

رواية زبيدة الفصل الرابع.. بناقص!

بناقص ------ ربما هو صباح يوم جديد، وربما كان نذير خير أن الدكتور حاتم جبريل وافق للوساطة بين عائلة زبيدة أو حسام وبين الدكتور سميح عبد المقصود تحت ضغط ابنته مريم صديقة زبيدة المقربة والمتيمة بحسام شقيق زبيدة والذي يصغرها بثلاثة أعوام كاملة !  من قال أن قصص الحب لها ناموس و ربما كان هذا الدافع الوحيد والخفي وراء موافقة مريم مساعدة زبيدة وعائلتها، الأمر يتعلق بمستقبل حسام بالكلية ناهيك عن أن سمعة سميح عبد المقصود كفيلة إن شابت أمرا فيظهر لك الطرف المظلوم دون تفكير، حبها لحسام كان دافعها، وكي تقنع أبيها بالفكرة كان الأمر يحتاج لبعض الدهاء والحيلة وتقديم المصلحة قبل كل شئ، فاستطاعت أن تقنع والدها أن مساعدة  حسام من باب تقديم السبت حتي يجدوا الأحد أمر لا خيار فيه، وإلا من -غير زبيدة- سيحول لهم الدولارات التي أرسلها عمها خالد بسعر أعلي من سعر البنك؟ ..   نعم كان هذا الاتفاق غير المكتوب بين مريم وزبيدة وبحكم عمل زبيدة في أحد شركات الصرافة العريقة بالطبع كان من السهل إقناع مدير الشركة بشراء واستبدال الدولارات مقابل حفنة إضافية من الجنيهات ولم ي...

جارتي تاجرة الحشيش..قصة قصيرة

لم تعد تحت طائلة القانون حتي و إن كانت تاجرة حشيش بحكم قانون الولاية التي نعيش فيها ، قوانين عجيبة تبيح الإتجار  بالمخدرات وترخص المجون و الفحش..وأصبح كل منا علي الأقل لديه جار شاذ جنسيا أو يتجر بالمخدرات..لن ألوم قوانين التعايش . كانت ضخمة الجثة ..لها هيبة ..صوتها كصرير الباب في أذني ..السجائر في فمها كالعلكة في فم فتاة تعشق السكاكر..عبارات السب و اللعن تجري علي لسانها كما يجري اللعاب..طيلة عامين لم تبادلني التحية ولم ترفع عينها لعيني وكأني "بحجابي" كومة قمامة! وطالما هذا هو الحال ..فلم أبادر أبدا بإلقاء التحية أو ما شابه من عبارات " صباح الخير" و" مساء الخير" المعهوده بين جيران البناية..وكأننا اتفقنا ألا نتفق ..وبمرور الوقت صار خوفي منها في زياده خصوصا بعدما رددت جارتي الأوروبية أن جارتنا هذه من الأمريكان العنصريين المتغطرسين وتفتقر للذوق ، حيث أمرت بناتها بالإنصراف عن بنات الأوروبية" التي تتحدث الإنجليزية الركيكة" لأنهما ليستا أمريكيتان مثل بناتها ..هكذا نهرت الفتاتين أمام أمهما دون أن يرمش لها جفن..ناهيك عن زوار الليل كل مساء أمام...

الفصل الثاني من روايتي " كرمالك"

الرواية كاملة رابط الرواية كاملة من هنا جلست نورا ولم تلمح نظرات الفزع والرعب المسددة نحوها من قِبَل ميشال.. السيدة الفرنسية تشعر بالرعب والهلع ما إن جلست بجوارها تلك الشابة ذات الغطاء الأخضرعلي رأسها..ألوان زيها صريحة وجريئة مما يدل علي أن هذه الشابة جريئة ولا تعرف للخوف طريقا..  ميشال خبيرة في الأزياء بحكم عملها وتعلم أنه ثمة علاقة خفية بين ما يرتديه المرء وما يفكر به.. وتجزم أن هناك خط واصل بين ما يلبسه المرء و الطريقة التي يتصرف بها بحسب طباعه وما يؤمن به.. هكذا تعلمت ميشال وهكذا تفكر.. وهكذا ازداد رعبها من تلك الشابة التي ستظل رفيقة رحلتها الطويلة من مصر إلي فرنسا. يا إلهي.. خمس ساعات من الخوف والترقب.. ربما ترتدي تلك الفتاة حزاما ناسفا تحت تلك التنورة الطويلة وربما أخرجت مسدسا من جيب سترتها الجانبي لتطلب من الجميع أن يشهروا إسلامهم أو يُقتَلون..هذا فوق الإحتمال!.. آخ لو كان لديك سيناريو معين أو فكرة مسبقة عن شئ ما ، حتما ستجد عقلك بكل الوسائل وبلا وعي يؤكد لك الفكرة ويصنع مشاهد وحكايات وربما مواقف كي تؤكد ظنونك وتسترسل في أفكارك حتي لو لم تكن أفكارا لها أي أساس من...

الفصل الأول والثاني من روايتي " كرمالك"

كِرمَالك رابط الرواية كاملة من هنا الرواية كاملة علي كندل و تطبيق كندل رابط الرواية كاملة من هنا إهداء إلي روح أبي الغالي..أحبائي زوجي الغالي وأولادي وأمي الحبيبة .. كل من علمني وكل من ألهمني ساهم في كتابة هذه الكلمات ورتب معي السطور والحكايات.. الرواية المقدمة إليكم قد تتشاب ه فيها الأحداث والأشخاص والأماكن بالحقيقة..فقط أردت أن تبدو حقيقية قدر المستطاع، وكل ما ابتغي أن أقوله.. مهلا لكل من ترك دينه وهويته وولي..مهلا لكل من يتشكك في ربه بغير علم ولا هدي ولا كتاب منير .. شكر خاص صديقتي نبال سمارة ، سارة محمود الفهرس 1- مطار القاهرة. 2-الإرهابية.. 3-مرآة المستقبل. 4-لا آكل الخنازير. 5-عقدة الإنجليزية. 6-توحدي. 7-العما بعيونك... 8- سألوني عن حجابي 9- تزوج طفله! 10-هذا رجلي 11-ديما 12-صدفة 13-كرمالك 14-كندرجارتن 15-أحبك 16-سيفيك بلازا 17-حادثة أورلاندو 18-ورود الود 19-أحمر شفاه 20-الزوج المفقود 21-هل أنت داعشية؟ 22-القيثارة 23-بلا ولا شيء 24-أنت صلعاء 25-أبغض ا...

طارق الندي " قصه قصيره". رومانسيات ، فانتازيا

طارق الندي"فانتزيا" فبراير   2008 أفتقدك يا طارق ..مر زمن طويل ولم تلتقِ أعيننا ولم تسمع أذناي لحن صوتك..نعم لصوتك نغم في أذني وله وقع في نفسي يحكي لي قصة عتاب طويل ..أتذكر حين قابلتك أول مره ونحن بالصف الأول بالجامعه ؟ أتذكر كيف كنت تحاول لفت إنتباهي وتتنظر أيما فرصه كي تتجاذب أطراف الحديث معي. ولا أعلم وقتها لِم لَم ألق لك بالا وحتي شهور لا أفهم لم كنت ترتبك وتتصبب حبات العرق عن جبينك لو رأيتني أمام ناظريك ..كنت أستغربك حينا وأتلذذ بإضطرابك حينا. أتذكر يوم ظهور النتيجة بعد إمتحان نصف العام ؟ كم جذب إنتباهي ثقتك بنفسك وانت تخبرني أن تقديرك العام جيد جدا بينما أنا أخبرك و أنا أولول علي نتيجتي ذات التقدير المتواضع كم شعرت وقتها اني ضئيله صغيره أو ربما قزم بُعث أمام العملاق الكبير ليقص عليه حكاية المساء ويذهب في خفر وحياء بعدما علم أن العملاق لم يعد مهتما لأمره . لم أكن لأقبل منك عبارات المجامله السمجه التي ألقيتها علي مسامعي وقتها ..لم أكن لأقبل شفقتك وعبارة " إن شاء الله تقديرك المره الجايه يبقي أعلي ...انتبهي إنت بس". من أنت لتنبهني لأنتبه ؟ أو تع...

لا تكتئب من فضلك!"عن الاكتئاب تقنيات وحلول".

"هل ستؤدي بي الأمومة للطبيب النفسي؟" قالتها السيدة نانسي، التي تعاني من الاكتئاب الحاد لطبيبها النفسي د. ديفيد بيرن، في أولى جلساتها معه.. فسألها الدكتور بيرن: "ما شكواكِ؟"، فقالت: "أنا أُم سيئة! أنا لا أستحق أن أكون أُماً من الأساس!". فسألها بيرن: "ولِمَ؟"، فقالت: "ابني درجاته متدنية جداً وأنا السبب.. أنا أُهمله". فسألها بيرن: "وما تعريفك للأم السيئة؟". فقالت: "الأم التي تمارس العنف ضد أطفالها". فقال: "وهل تمارسين العنف ضد ابنك؟". فردّت نانسي: "بالطبع لا"، فقال الطبيب: "إذن لِمَ تصفين نفسك بذلك؟". فقالت: "لأنني.. لا أعرف.. ربما شعوري بالعجز والتقصير هو ما يُملي عليَّ ذلك". فقال: "فلنتفق إذن على أنه ليس هناك شيء اسمه أم سيئة، أما الأمهات اللاتي يمارسن العنف ضد أطفالهن فلديهن مشاكل أخرى، فلنقُل إنك أُم مقصرة وفي الحقيقة الكل مقصر.. الجميع ينقصه شيء ما.. أو فلنقُل الجميع يجتهد"، فقالت: "لست مجتهدة بما يكفي"، فسألها: "ألا تعدين له الطعام يومياً...

عزيزتي لا تكوي قميص زوجك ..احرقيه

عزيزتي لا تكوي قميص زوجك..احرقيه! تابَعت خبر زواجه بإهتمام وهي التي اتخذته رفيقا لها لتسع أعوام تخللتها علاقات عابره مع رجال آخرين، ولما قرر هو الزواج اتخذ لنفسه زوجه محبه مخلصه أخري  بينما اكتفي برساله صوتيه لها يخبرها بموعد الزفاف وطلب منها حضور الحفل كأشبينه لعروسه، الأمر الذي فجر غضبها وجعلها علي أهبة الاستعداد لتدمير هذا الحفل وهذا الزواج بكل طريقة ممكنه .. وبعد محاولات مستميه للوقيعه بين العروسين باءت كل محاولاتها بالفشل ..فما كان منها إلا إن استسلمت للقدر و اعترفت بخطأها وباركت الزواج في النهايه ..المفارقه العجيبه هنا أنه لم يشك أحدهم أبدا في نوايا جوليان أو  " جوليا روبرتس" الصديقه المخلصه لمايكل أو "ديرموت مولروني" ولم يكتشف أحدهم ألاعيبها الدنيئه لإنهاء زيجة صديقها من حبيبته الجديده كيمي أو " كاميرون دياز" في فيلم " زواج صديقي العزيز" أو My Best friend’s wedding هذا الفيلم الذي عرض في التسعينات من القرن الماضي ولقي نجاحا ساحقا والفيلم يعكس لنا واقع نعيشه الآن والذي أصبح أسهل مع إنتشار و رواج الشاشات ومواقع التواصل الإجتماعي ...