Skip to main content

كيف تتعامل مع الوقحين

 

Photo by Bekah Allmark 






                                                                مقالاتي


منذ حديث عهدي بالقراءة والمطالعة، كنت من عشاق مجلة الكواكب. كنت أطالع نوادر الفنانين وأداوم علي قراءة بريد القراء. الناس في أصدق حالاتهم بين كلماتهم. حين يكتب أحدهم عن تجربته دون إعلان هويته ويسأل النصيحة، فهو يقدم لك خالص تجربته علي طبق من ذهب، وحين تقرأ الردود، تتعلم من تجارب الناس ما كان يجب عليك أن تفعله دون الوقوع في فداحة أخطاء الآخرين. لما نتعلم عن تجارب الآخرين الصادقة، نختصر علي أنفسنا مرارات الفشل ونكتسب رقة القلب فنتعلم التعاطف مع آلالام الناس وعثراتهم، ولين القلب من أبرك النعم التي يمكن أن ينعم الله بها علي المرء منا، رقة القلب تزيح سوء النفس وتزج بالمرء في رحاب الله فينأئ بنفسه عن مزاحمة الخلق في شرورهم و تجعله يسعي دوما أن يرقي بنفسه عن آثامه.

في ذات مرة قرأت مقالا عن موقف حدث مع كوكب الشرق أم كلثوم. روي الكاتب أنها في ذات مرة غنت في حفل، وكان حفلا رائعا أطربت مسامع الجميع بأجمل الألحان، ولكن غالبا تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، ففي أثناء الحفل، تلفظ أحد المعجبين بلفظ نابي وألقي بوابل من عبارات الحب والهيام بشكل غير لائق علي مرأي ومسمع من الجميع، كان موقف غير متوقع، وكان للسيدة ام كلثوم حق الاختيار بين ردود فعل عديدة، إما أن تبتسم في خجل، أو أن تتجاهل ما قال ذاك اللئيموتستمر بالغناء، أو إما أن تردعه حتي لا يتجرأ أحدهم علي تكرار الموقف. واختارت سيدة الغناء العربي الاختيار الثاني، فتوقفت عن الغناء لبرهة وقالت وهي توجه عباراتها إليه : " تصدق بالله يا حضرت؟ حضرتك شنبك متربي أحسن منك!"

وهنا تقوقع الرجل مكانه وشعر بمدي دناءة فعله ووقاحته، ولم نسمع بعدها عن تكرار تلك الواقعة.


الكثير منا في تعامله مع الوقحين يختلط عليه أمره، فيخلط ما بين الطيبة وقلة الحيلة، والكثير منا يخلط بين الحزم والافتراء. سبحان الله حتي الوقحين أنفسهم، يفتقرون إلي التمييز أيضا. دعني أخبرك من خلال الموقف السابق أن هناك فرق شاسع. الطيبة أن تكون في موقف قوة أو قدرة وتختار المغفرة والمسامحة بعد أن يعلم الطرف المخطئ قدر خطئه. أما قلة الحيلة فهي التغافل عن الإساءة لضعف موقفك تجاه المخطئ أو الخوف من ردة فعله.

 

اما القوة والحزم، فهي القدرة علي استرداد الحق وردع المخطئ رغم عدم تساوي القوة، تختار ردع المخطئ حتي وإن ارتعدت أطرافك من فرط خوفك، بينما الافتراء أن تختار استعراض القوة علي من لا حول له ولا قوة لمجرد أنه لا يقو علي مواجهتك.. لا يستويان!


العجيب فينا نحن البشر أننا كثيرا ما نخلط المفاهيم ونستدعي البطولة وقتما استوجبت المسامحة، ونستدعي التسامح وقتما وجب الحسم.


أحيانا، لابد أن يري الشرار لك مخلباً ليتوقفوا...ولا عيب في ذلك، وكلما نسيت هذه الحقيقة أتذكر تلك الحادثة حدثت معي منذ سنين..

منذ سنوات حينما تلقي زوجي عقدا للعمل بالخارج، وصرت شهورا وشهورا بين المحاكم ومكاتب التوثيق سعيا علي أوراق الاستقدام، ومن فرط التعب قررت الاسترخاء ليوم واحد كان شديد الحرارة قبل معاودة استكمال رحلة استخراج أوراق السفر

ويشاء القدر أن يحدث حريق هائل حيثما كنت أذهب بشكل يومي لاستخراج أوراقي. حمدت الله علي سلامتي و أني لم أذهب يومها، ولما ذهبت اليوم الذي يليه حيث تقبع مكاتب التوثيق، أخبروني أن حصيلة شقائي شهورا من السعي لاستخراج الأوراق المطلوبة لم تعد صالحة لأنهم باختصار غيروا القوانين وعلي أن أعيد تقديم الأوراق وأعيد الخطوات من جديد!


لم أتمالك نفسي من فرط الغضب والقهر والبكاء، وصرت أصيح كالأسد الجريح :" لن أخرج من هذا المكتب قبل أن استخرج أوراقي، كلها...الآن. لقد حجزت التذكرة ورتبت أموري أني سأسافر خلال أيام.. لن يمكنكم تعطيلي. لن توقفوني. سأسافر لزوجي خلال أيام. وأنت يا هذا ، سوف تمضي أوراقي الآااااااان. ليست مشكلتي أنهم غيروا قوانينهم، وليست مشكلتي أنهم قرروا أن قوانيهم لم تعد تعطل مصالح الناس بما يكفي، فابتكروا طرقا جديدة لعرقلة مصالح الناس... ستمضون أوراقييييييي...الآاااااااااان... الآااااااااااان". وأخذت اضرب بكلتا يدي علي المكتب في هيستريا أقرب للجنون. 


لم أصدق ما فعلت ولم أدر بما فعلت إلا عندما لاحظت وجوه الموظفين السانحة المتأملة أمامي بين إشفاق وخجل من كتمان الضحك. 

شعرت بنفسي كغوريلا جامحة قررت أن هذا العالم ظالم بما يكفي ليمنعها أن تحيا فيه بسلام ودون ضجيج، فقررت أن تزأر في غضب أتظنون أنني كائن ضعيف تهاون في حقه ليترك لكم الحبل علي الغارب؟""


سبحان الله، مرت دقائق واستهدوني وذهب أحدهم وعاد بأوراقي كاملة ممضية وتركني أرحل في هدوء منهم وعدم تصديق مني.


ويبقي السؤال، لم علينا أن نطلق غوريلاتنا علي الظلمة حتي يتوقفون عن ظلمهم؟ لم علينا أن نخرج الغوريلات بدواخلنا حتي يتوقف اللئام؟

لِم لَم يتركوا الغوريلا نائمة؟ 

اتركوا الغوريلا في حالها يرحمكم الله!

Comments

الأكثر قراءة

رواية زبيدة الفصل الرابع.. بناقص!

بناقص ------ ربما هو صباح يوم جديد، وربما كان نذير خير أن الدكتور حاتم جبريل وافق للوساطة بين عائلة زبيدة أو حسام وبين الدكتور سميح عبد المقصود تحت ضغط ابنته مريم صديقة زبيدة المقربة والمتيمة بحسام شقيق زبيدة والذي يصغرها بثلاثة أعوام كاملة !  من قال أن قصص الحب لها ناموس و ربما كان هذا الدافع الوحيد والخفي وراء موافقة مريم مساعدة زبيدة وعائلتها، الأمر يتعلق بمستقبل حسام بالكلية ناهيك عن أن سمعة سميح عبد المقصود كفيلة إن شابت أمرا فيظهر لك الطرف المظلوم دون تفكير، حبها لحسام كان دافعها، وكي تقنع أبيها بالفكرة كان الأمر يحتاج لبعض الدهاء والحيلة وتقديم المصلحة قبل كل شئ، فاستطاعت أن تقنع والدها أن مساعدة  حسام من باب تقديم السبت حتي يجدوا الأحد أمر لا خيار فيه، وإلا من -غير زبيدة- سيحول لهم الدولارات التي أرسلها عمها خالد بسعر أعلي من سعر البنك؟ ..   نعم كان هذا الاتفاق غير المكتوب بين مريم وزبيدة وبحكم عمل زبيدة في أحد شركات الصرافة العريقة بالطبع كان من السهل إقناع مدير الشركة بشراء واستبدال الدولارات مقابل حفنة إضافية من الجنيهات ولم ي...

جارتي تاجرة الحشيش..قصة قصيرة

لم تعد تحت طائلة القانون حتي و إن كانت تاجرة حشيش بحكم قانون الولاية التي نعيش فيها ، قوانين عجيبة تبيح الإتجار  بالمخدرات وترخص المجون و الفحش..وأصبح كل منا علي الأقل لديه جار شاذ جنسيا أو يتجر بالمخدرات..لن ألوم قوانين التعايش . كانت ضخمة الجثة ..لها هيبة ..صوتها كصرير الباب في أذني ..السجائر في فمها كالعلكة في فم فتاة تعشق السكاكر..عبارات السب و اللعن تجري علي لسانها كما يجري اللعاب..طيلة عامين لم تبادلني التحية ولم ترفع عينها لعيني وكأني "بحجابي" كومة قمامة! وطالما هذا هو الحال ..فلم أبادر أبدا بإلقاء التحية أو ما شابه من عبارات " صباح الخير" و" مساء الخير" المعهوده بين جيران البناية..وكأننا اتفقنا ألا نتفق ..وبمرور الوقت صار خوفي منها في زياده خصوصا بعدما رددت جارتي الأوروبية أن جارتنا هذه من الأمريكان العنصريين المتغطرسين وتفتقر للذوق ، حيث أمرت بناتها بالإنصراف عن بنات الأوروبية" التي تتحدث الإنجليزية الركيكة" لأنهما ليستا أمريكيتان مثل بناتها ..هكذا نهرت الفتاتين أمام أمهما دون أن يرمش لها جفن..ناهيك عن زوار الليل كل مساء أمام...

الفصل الثاني من روايتي " كرمالك"

الرواية كاملة رابط الرواية كاملة من هنا جلست نورا ولم تلمح نظرات الفزع والرعب المسددة نحوها من قِبَل ميشال.. السيدة الفرنسية تشعر بالرعب والهلع ما إن جلست بجوارها تلك الشابة ذات الغطاء الأخضرعلي رأسها..ألوان زيها صريحة وجريئة مما يدل علي أن هذه الشابة جريئة ولا تعرف للخوف طريقا..  ميشال خبيرة في الأزياء بحكم عملها وتعلم أنه ثمة علاقة خفية بين ما يرتديه المرء وما يفكر به.. وتجزم أن هناك خط واصل بين ما يلبسه المرء و الطريقة التي يتصرف بها بحسب طباعه وما يؤمن به.. هكذا تعلمت ميشال وهكذا تفكر.. وهكذا ازداد رعبها من تلك الشابة التي ستظل رفيقة رحلتها الطويلة من مصر إلي فرنسا. يا إلهي.. خمس ساعات من الخوف والترقب.. ربما ترتدي تلك الفتاة حزاما ناسفا تحت تلك التنورة الطويلة وربما أخرجت مسدسا من جيب سترتها الجانبي لتطلب من الجميع أن يشهروا إسلامهم أو يُقتَلون..هذا فوق الإحتمال!.. آخ لو كان لديك سيناريو معين أو فكرة مسبقة عن شئ ما ، حتما ستجد عقلك بكل الوسائل وبلا وعي يؤكد لك الفكرة ويصنع مشاهد وحكايات وربما مواقف كي تؤكد ظنونك وتسترسل في أفكارك حتي لو لم تكن أفكارا لها أي أساس من...

الفصل الأول والثاني من روايتي " كرمالك"

كِرمَالك رابط الرواية كاملة من هنا الرواية كاملة علي كندل و تطبيق كندل رابط الرواية كاملة من هنا إهداء إلي روح أبي الغالي..أحبائي زوجي الغالي وأولادي وأمي الحبيبة .. كل من علمني وكل من ألهمني ساهم في كتابة هذه الكلمات ورتب معي السطور والحكايات.. الرواية المقدمة إليكم قد تتشاب ه فيها الأحداث والأشخاص والأماكن بالحقيقة..فقط أردت أن تبدو حقيقية قدر المستطاع، وكل ما ابتغي أن أقوله.. مهلا لكل من ترك دينه وهويته وولي..مهلا لكل من يتشكك في ربه بغير علم ولا هدي ولا كتاب منير .. شكر خاص صديقتي نبال سمارة ، سارة محمود الفهرس 1- مطار القاهرة. 2-الإرهابية.. 3-مرآة المستقبل. 4-لا آكل الخنازير. 5-عقدة الإنجليزية. 6-توحدي. 7-العما بعيونك... 8- سألوني عن حجابي 9- تزوج طفله! 10-هذا رجلي 11-ديما 12-صدفة 13-كرمالك 14-كندرجارتن 15-أحبك 16-سيفيك بلازا 17-حادثة أورلاندو 18-ورود الود 19-أحمر شفاه 20-الزوج المفقود 21-هل أنت داعشية؟ 22-القيثارة 23-بلا ولا شيء 24-أنت صلعاء 25-أبغض ا...

طارق الندي " قصه قصيره". رومانسيات ، فانتازيا

طارق الندي"فانتزيا" فبراير   2008 أفتقدك يا طارق ..مر زمن طويل ولم تلتقِ أعيننا ولم تسمع أذناي لحن صوتك..نعم لصوتك نغم في أذني وله وقع في نفسي يحكي لي قصة عتاب طويل ..أتذكر حين قابلتك أول مره ونحن بالصف الأول بالجامعه ؟ أتذكر كيف كنت تحاول لفت إنتباهي وتتنظر أيما فرصه كي تتجاذب أطراف الحديث معي. ولا أعلم وقتها لِم لَم ألق لك بالا وحتي شهور لا أفهم لم كنت ترتبك وتتصبب حبات العرق عن جبينك لو رأيتني أمام ناظريك ..كنت أستغربك حينا وأتلذذ بإضطرابك حينا. أتذكر يوم ظهور النتيجة بعد إمتحان نصف العام ؟ كم جذب إنتباهي ثقتك بنفسك وانت تخبرني أن تقديرك العام جيد جدا بينما أنا أخبرك و أنا أولول علي نتيجتي ذات التقدير المتواضع كم شعرت وقتها اني ضئيله صغيره أو ربما قزم بُعث أمام العملاق الكبير ليقص عليه حكاية المساء ويذهب في خفر وحياء بعدما علم أن العملاق لم يعد مهتما لأمره . لم أكن لأقبل منك عبارات المجامله السمجه التي ألقيتها علي مسامعي وقتها ..لم أكن لأقبل شفقتك وعبارة " إن شاء الله تقديرك المره الجايه يبقي أعلي ...انتبهي إنت بس". من أنت لتنبهني لأنتبه ؟ أو تع...

لا تكتئب من فضلك!"عن الاكتئاب تقنيات وحلول".

"هل ستؤدي بي الأمومة للطبيب النفسي؟" قالتها السيدة نانسي، التي تعاني من الاكتئاب الحاد لطبيبها النفسي د. ديفيد بيرن، في أولى جلساتها معه.. فسألها الدكتور بيرن: "ما شكواكِ؟"، فقالت: "أنا أُم سيئة! أنا لا أستحق أن أكون أُماً من الأساس!". فسألها بيرن: "ولِمَ؟"، فقالت: "ابني درجاته متدنية جداً وأنا السبب.. أنا أُهمله". فسألها بيرن: "وما تعريفك للأم السيئة؟". فقالت: "الأم التي تمارس العنف ضد أطفالها". فقال: "وهل تمارسين العنف ضد ابنك؟". فردّت نانسي: "بالطبع لا"، فقال الطبيب: "إذن لِمَ تصفين نفسك بذلك؟". فقالت: "لأنني.. لا أعرف.. ربما شعوري بالعجز والتقصير هو ما يُملي عليَّ ذلك". فقال: "فلنتفق إذن على أنه ليس هناك شيء اسمه أم سيئة، أما الأمهات اللاتي يمارسن العنف ضد أطفالهن فلديهن مشاكل أخرى، فلنقُل إنك أُم مقصرة وفي الحقيقة الكل مقصر.. الجميع ينقصه شيء ما.. أو فلنقُل الجميع يجتهد"، فقالت: "لست مجتهدة بما يكفي"، فسألها: "ألا تعدين له الطعام يومياً...

عزيزتي لا تكوي قميص زوجك ..احرقيه

عزيزتي لا تكوي قميص زوجك..احرقيه! تابَعت خبر زواجه بإهتمام وهي التي اتخذته رفيقا لها لتسع أعوام تخللتها علاقات عابره مع رجال آخرين، ولما قرر هو الزواج اتخذ لنفسه زوجه محبه مخلصه أخري  بينما اكتفي برساله صوتيه لها يخبرها بموعد الزفاف وطلب منها حضور الحفل كأشبينه لعروسه، الأمر الذي فجر غضبها وجعلها علي أهبة الاستعداد لتدمير هذا الحفل وهذا الزواج بكل طريقة ممكنه .. وبعد محاولات مستميه للوقيعه بين العروسين باءت كل محاولاتها بالفشل ..فما كان منها إلا إن استسلمت للقدر و اعترفت بخطأها وباركت الزواج في النهايه ..المفارقه العجيبه هنا أنه لم يشك أحدهم أبدا في نوايا جوليان أو  " جوليا روبرتس" الصديقه المخلصه لمايكل أو "ديرموت مولروني" ولم يكتشف أحدهم ألاعيبها الدنيئه لإنهاء زيجة صديقها من حبيبته الجديده كيمي أو " كاميرون دياز" في فيلم " زواج صديقي العزيز" أو My Best friend’s wedding هذا الفيلم الذي عرض في التسعينات من القرن الماضي ولقي نجاحا ساحقا والفيلم يعكس لنا واقع نعيشه الآن والذي أصبح أسهل مع إنتشار و رواج الشاشات ومواقع التواصل الإجتماعي ...