Skip to main content

"عودوا لبلادكم"، هكذا قالت لي!



أعتقد أن الكثيرين منا لديه مشكلة ما في أنسنة الآخرين أو ما يطلق عليه بالإنجليزية

Humanizing others

بمعني آخر أننا نصنع من اختلاف الآخرين عنا أو من مشاعرنا السلبية تجاههم حاجبا يمنعنا من رؤية الجانب الإنساني فيهم. لا نستطيع أن نألفهم أو نلتمس العذر لهم طالما ليسوا مثلنا أو علي الأقل إن كنا لا نحبهم.

ذات مرة كنت بالمتجر ابتاع بعض المشتريات، وجدتها بدت من ملامحها المألوفة وحجابها ذو الألوان الزاهية أنها من أصل عربي، كانت بصحبة طفليها.. اقتربت منها سيدة بيضاء أمريكية بدينة ومعها طفلها، فلما اقتربت عربة مشترياتهم من عربة مشترياتهم همَ طفل السيدة ذات الحجاب بدفع عربة مشتريات السيدة الأمريكية بقوة وإندفاع، ودون قصد منه ولسوء الحظ ارتطمت العربة بجسد صغيرها.. فأسرعت السيدة البدينة كالنمرة البلقاء أو أسد يستعد لنهش فريسته، وانتفخت أوداجها وسارعت إلي الطفل بسرعة البرق لتوبخه...

انفلتت السيدة العربية من بين طفليها لتتفقد حال الطفل الساقط علي الأرض، ويالها من لحظة، هذه ذهبت لتهدئ من روع طفل وتلك ذهبت لتثير ذعر طفل.

وعلي صوتها وهي توبخ الطفل علي ما فعل، فأسرعت إليها الأم وبأدب جم اعتذرت منها وكررت الإعتذار، لكن دون جدوي.

فاقتربت منها السيدة ذات الحجاب أكثر وهمست في هدوء:" أنا آسفة جدا، ابني طفل توحدي، هو بالتأكيد لم يقصد إيذاء صغيرك، هو فقط لا يعي عقبات ما فعل، اقبلي عذري و.."

فقاطعتها الأخري وقالت:" وهل أتيتم لبلادنا لنتحمل أعباءكم، فلتعودوا من حيث أتيتم!".

أخرستها، وما كان من السيدة ذات الحجاب إلا أن تركت عربة مشترواتها وأمسكت يدي طفليها وانطلقت خارج المتجر.

برأيي هذا تعريف ثلاثي الأبعاد لكلمة القهر والحسرة.. حين يلفظك الناس، حين تري نفسك وحيدا كسيرا بينهم لمجرد أنك لست منهم، أو ربما لأنهم لا يعرفونك مثلا أو لا يحبون من هم علي شاكلتك ربما..

والأكثر من ذلك أن يستمروا علي نبذهم لشخصك حتي بعد أن عريت أمام أعينهم جراحك، وذكرت أمامهم ما يصعب علي نفسك تقبله...أين الرحمة؟

لم لا نألف الآخرين ونتعاطف معهم حتي وإن لم نحبهم؟ لم نقيض من أنفسنا قضاة نحكم علي الناس ونلقي علي مسامعهم السباب لمجرد أننا كرهنا منهم شئ؟ لم لا نري أعذارهم قبل قبحهم...مزاياهم قبل عيوبهم...قلوبهم قبل هيئاتهم؟

ما هالني أكثر هو ما رأيته عندما خرجت إلي سيارتي خارج المتجر، وجدتها خارج سيارتها تبكي بعيدا عن أعين أطفالها..انفطر قلبي لأجلها..وينفطر قلبي لكل أسرة لديها طفل يعاني من أي اضطراب سلوكي أو عصبي أو حتي عقلي.

هذا المشهد متكرر بشكل يومي مثل نشرة الأخبار اليومية، وحدث أمام ناظري موقف مشابه في أحد مراكز الرعاية الطبية، كنت أنتظر دوري وعيادتي بجوار عيادة التخاطب وتعديل السلوك وأمامي جلست أم لطفل يعاني من تشتت الانتباه وفرط الحركة، بات يحوم حول الأم في نشاط زائد، لم يجلس لدقيقة ولم يكف عن الكلام طيلة نصف الساعة، حتي كال لها أحدهم السباب ونعتها بالمهملة التي فشلت في السيطرة علي الصغير، وبكت الأم من فرط الضغط وقالت:" وأنا اعمله إيه يعني، ربنا خلقه كده.." فقام إليها الرجل واعتذر منها بعدما وبخه الناس وذكروه أنه بمشفي وليس منتجعا صحيا يتطلب الهدوء.

أسر الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة من أشد الأسر حاجة إلي الدعم والإدراج في المجتمع... في النهاية هم أطفال لا ذنب لهم فيم ابتلاهم الله به، وكذلك أسرهم لا قبل لهم بكل ذاك القدر من النفور والضغط المجتمعي.

القليل جدا من العلماء والأئمة يسلطون الضوء علي هذه القضية وكأن هؤلاء الأطفال وأسرهم ليسوا جزءا محسوبا من المجتمع!

نحن أنفسنا بحاجة للتوعية ..بحاجة للعلم والإدراك عن أصحاب هذه الحالات وكيفية التعامل معهم دون جرح مشاعرهم وقذفهم بوابل من الإتهامات، والتي في الأغلب تلقي علي عاتق الأم..هذه جيناتها، هذا إهمالها، هي من تترك أطفالها للتلفاز، هي تحتاج أن تنتبه أكثر لأطفالها، هي فاشلة في السيطرة علي نوبات غضب الطفل، هي لا تعلم كيف تربي وليدها، كان ينبغي عليها الإهتمام بتغذية جنينها  أثناء حملها تفاديا لذلك، كل هذا وننسي " ماذا لو كان هذا قَدَرُها!"

لن تجدي نصائحنا مع القدر بالمناسبة..يكفي الكلمة الطيبة

ولن يجدي النقد اللاذع مع البلاء..فليقل خيرا أو ليصمت

ولن يفلح العزل والنبذ..الذئب يقترب من الشاه القاصية

وإن كرهنا أحدهم ولن نستطيع نفعه، فلا يجوز أن نضره!

فلنكف أنفسنا عن أذي الناس، ولنغض الطرف عن زلاتهم...ولنتذكر قول الله تعالي : لست عليهم بمصيطر".. تعلموا الإحسان وأكثروا من التغاضي واسمحوا لقلوبكم بالقبول والتعاطف حتي مع أعدائكم، تسموا أخلاقكم!

ملحوظة " قصة حقيقية واستأذنت أصحابها في النشر

Comments

Unknown said…
قصه جميله سلمت يداك يا شامه .... انا قلبي وجعني علي الأطفال كمان مش الكبار بس 😦

الأكثر قراءة

رواية زبيدة الفصل الرابع.. بناقص!

بناقص ------ ربما هو صباح يوم جديد، وربما كان نذير خير أن الدكتور حاتم جبريل وافق للوساطة بين عائلة زبيدة أو حسام وبين الدكتور سميح عبد المقصود تحت ضغط ابنته مريم صديقة زبيدة المقربة والمتيمة بحسام شقيق زبيدة والذي يصغرها بثلاثة أعوام كاملة !  من قال أن قصص الحب لها ناموس و ربما كان هذا الدافع الوحيد والخفي وراء موافقة مريم مساعدة زبيدة وعائلتها، الأمر يتعلق بمستقبل حسام بالكلية ناهيك عن أن سمعة سميح عبد المقصود كفيلة إن شابت أمرا فيظهر لك الطرف المظلوم دون تفكير، حبها لحسام كان دافعها، وكي تقنع أبيها بالفكرة كان الأمر يحتاج لبعض الدهاء والحيلة وتقديم المصلحة قبل كل شئ، فاستطاعت أن تقنع والدها أن مساعدة  حسام من باب تقديم السبت حتي يجدوا الأحد أمر لا خيار فيه، وإلا من -غير زبيدة- سيحول لهم الدولارات التي أرسلها عمها خالد بسعر أعلي من سعر البنك؟ ..   نعم كان هذا الاتفاق غير المكتوب بين مريم وزبيدة وبحكم عمل زبيدة في أحد شركات الصرافة العريقة بالطبع كان من السهل إقناع مدير الشركة بشراء واستبدال الدولارات مقابل حفنة إضافية من الجنيهات ولم ي...

جارتي تاجرة الحشيش..قصة قصيرة

لم تعد تحت طائلة القانون حتي و إن كانت تاجرة حشيش بحكم قانون الولاية التي نعيش فيها ، قوانين عجيبة تبيح الإتجار  بالمخدرات وترخص المجون و الفحش..وأصبح كل منا علي الأقل لديه جار شاذ جنسيا أو يتجر بالمخدرات..لن ألوم قوانين التعايش . كانت ضخمة الجثة ..لها هيبة ..صوتها كصرير الباب في أذني ..السجائر في فمها كالعلكة في فم فتاة تعشق السكاكر..عبارات السب و اللعن تجري علي لسانها كما يجري اللعاب..طيلة عامين لم تبادلني التحية ولم ترفع عينها لعيني وكأني "بحجابي" كومة قمامة! وطالما هذا هو الحال ..فلم أبادر أبدا بإلقاء التحية أو ما شابه من عبارات " صباح الخير" و" مساء الخير" المعهوده بين جيران البناية..وكأننا اتفقنا ألا نتفق ..وبمرور الوقت صار خوفي منها في زياده خصوصا بعدما رددت جارتي الأوروبية أن جارتنا هذه من الأمريكان العنصريين المتغطرسين وتفتقر للذوق ، حيث أمرت بناتها بالإنصراف عن بنات الأوروبية" التي تتحدث الإنجليزية الركيكة" لأنهما ليستا أمريكيتان مثل بناتها ..هكذا نهرت الفتاتين أمام أمهما دون أن يرمش لها جفن..ناهيك عن زوار الليل كل مساء أمام...

الفصل الثاني من روايتي " كرمالك"

الرواية كاملة رابط الرواية كاملة من هنا جلست نورا ولم تلمح نظرات الفزع والرعب المسددة نحوها من قِبَل ميشال.. السيدة الفرنسية تشعر بالرعب والهلع ما إن جلست بجوارها تلك الشابة ذات الغطاء الأخضرعلي رأسها..ألوان زيها صريحة وجريئة مما يدل علي أن هذه الشابة جريئة ولا تعرف للخوف طريقا..  ميشال خبيرة في الأزياء بحكم عملها وتعلم أنه ثمة علاقة خفية بين ما يرتديه المرء وما يفكر به.. وتجزم أن هناك خط واصل بين ما يلبسه المرء و الطريقة التي يتصرف بها بحسب طباعه وما يؤمن به.. هكذا تعلمت ميشال وهكذا تفكر.. وهكذا ازداد رعبها من تلك الشابة التي ستظل رفيقة رحلتها الطويلة من مصر إلي فرنسا. يا إلهي.. خمس ساعات من الخوف والترقب.. ربما ترتدي تلك الفتاة حزاما ناسفا تحت تلك التنورة الطويلة وربما أخرجت مسدسا من جيب سترتها الجانبي لتطلب من الجميع أن يشهروا إسلامهم أو يُقتَلون..هذا فوق الإحتمال!.. آخ لو كان لديك سيناريو معين أو فكرة مسبقة عن شئ ما ، حتما ستجد عقلك بكل الوسائل وبلا وعي يؤكد لك الفكرة ويصنع مشاهد وحكايات وربما مواقف كي تؤكد ظنونك وتسترسل في أفكارك حتي لو لم تكن أفكارا لها أي أساس من...

الفصل الأول والثاني من روايتي " كرمالك"

كِرمَالك رابط الرواية كاملة من هنا الرواية كاملة علي كندل و تطبيق كندل رابط الرواية كاملة من هنا إهداء إلي روح أبي الغالي..أحبائي زوجي الغالي وأولادي وأمي الحبيبة .. كل من علمني وكل من ألهمني ساهم في كتابة هذه الكلمات ورتب معي السطور والحكايات.. الرواية المقدمة إليكم قد تتشاب ه فيها الأحداث والأشخاص والأماكن بالحقيقة..فقط أردت أن تبدو حقيقية قدر المستطاع، وكل ما ابتغي أن أقوله.. مهلا لكل من ترك دينه وهويته وولي..مهلا لكل من يتشكك في ربه بغير علم ولا هدي ولا كتاب منير .. شكر خاص صديقتي نبال سمارة ، سارة محمود الفهرس 1- مطار القاهرة. 2-الإرهابية.. 3-مرآة المستقبل. 4-لا آكل الخنازير. 5-عقدة الإنجليزية. 6-توحدي. 7-العما بعيونك... 8- سألوني عن حجابي 9- تزوج طفله! 10-هذا رجلي 11-ديما 12-صدفة 13-كرمالك 14-كندرجارتن 15-أحبك 16-سيفيك بلازا 17-حادثة أورلاندو 18-ورود الود 19-أحمر شفاه 20-الزوج المفقود 21-هل أنت داعشية؟ 22-القيثارة 23-بلا ولا شيء 24-أنت صلعاء 25-أبغض ا...

طارق الندي " قصه قصيره". رومانسيات ، فانتازيا

طارق الندي"فانتزيا" فبراير   2008 أفتقدك يا طارق ..مر زمن طويل ولم تلتقِ أعيننا ولم تسمع أذناي لحن صوتك..نعم لصوتك نغم في أذني وله وقع في نفسي يحكي لي قصة عتاب طويل ..أتذكر حين قابلتك أول مره ونحن بالصف الأول بالجامعه ؟ أتذكر كيف كنت تحاول لفت إنتباهي وتتنظر أيما فرصه كي تتجاذب أطراف الحديث معي. ولا أعلم وقتها لِم لَم ألق لك بالا وحتي شهور لا أفهم لم كنت ترتبك وتتصبب حبات العرق عن جبينك لو رأيتني أمام ناظريك ..كنت أستغربك حينا وأتلذذ بإضطرابك حينا. أتذكر يوم ظهور النتيجة بعد إمتحان نصف العام ؟ كم جذب إنتباهي ثقتك بنفسك وانت تخبرني أن تقديرك العام جيد جدا بينما أنا أخبرك و أنا أولول علي نتيجتي ذات التقدير المتواضع كم شعرت وقتها اني ضئيله صغيره أو ربما قزم بُعث أمام العملاق الكبير ليقص عليه حكاية المساء ويذهب في خفر وحياء بعدما علم أن العملاق لم يعد مهتما لأمره . لم أكن لأقبل منك عبارات المجامله السمجه التي ألقيتها علي مسامعي وقتها ..لم أكن لأقبل شفقتك وعبارة " إن شاء الله تقديرك المره الجايه يبقي أعلي ...انتبهي إنت بس". من أنت لتنبهني لأنتبه ؟ أو تع...

لا تكتئب من فضلك!"عن الاكتئاب تقنيات وحلول".

"هل ستؤدي بي الأمومة للطبيب النفسي؟" قالتها السيدة نانسي، التي تعاني من الاكتئاب الحاد لطبيبها النفسي د. ديفيد بيرن، في أولى جلساتها معه.. فسألها الدكتور بيرن: "ما شكواكِ؟"، فقالت: "أنا أُم سيئة! أنا لا أستحق أن أكون أُماً من الأساس!". فسألها بيرن: "ولِمَ؟"، فقالت: "ابني درجاته متدنية جداً وأنا السبب.. أنا أُهمله". فسألها بيرن: "وما تعريفك للأم السيئة؟". فقالت: "الأم التي تمارس العنف ضد أطفالها". فقال: "وهل تمارسين العنف ضد ابنك؟". فردّت نانسي: "بالطبع لا"، فقال الطبيب: "إذن لِمَ تصفين نفسك بذلك؟". فقالت: "لأنني.. لا أعرف.. ربما شعوري بالعجز والتقصير هو ما يُملي عليَّ ذلك". فقال: "فلنتفق إذن على أنه ليس هناك شيء اسمه أم سيئة، أما الأمهات اللاتي يمارسن العنف ضد أطفالهن فلديهن مشاكل أخرى، فلنقُل إنك أُم مقصرة وفي الحقيقة الكل مقصر.. الجميع ينقصه شيء ما.. أو فلنقُل الجميع يجتهد"، فقالت: "لست مجتهدة بما يكفي"، فسألها: "ألا تعدين له الطعام يومياً...

عزيزتي لا تكوي قميص زوجك ..احرقيه

عزيزتي لا تكوي قميص زوجك..احرقيه! تابَعت خبر زواجه بإهتمام وهي التي اتخذته رفيقا لها لتسع أعوام تخللتها علاقات عابره مع رجال آخرين، ولما قرر هو الزواج اتخذ لنفسه زوجه محبه مخلصه أخري  بينما اكتفي برساله صوتيه لها يخبرها بموعد الزفاف وطلب منها حضور الحفل كأشبينه لعروسه، الأمر الذي فجر غضبها وجعلها علي أهبة الاستعداد لتدمير هذا الحفل وهذا الزواج بكل طريقة ممكنه .. وبعد محاولات مستميه للوقيعه بين العروسين باءت كل محاولاتها بالفشل ..فما كان منها إلا إن استسلمت للقدر و اعترفت بخطأها وباركت الزواج في النهايه ..المفارقه العجيبه هنا أنه لم يشك أحدهم أبدا في نوايا جوليان أو  " جوليا روبرتس" الصديقه المخلصه لمايكل أو "ديرموت مولروني" ولم يكتشف أحدهم ألاعيبها الدنيئه لإنهاء زيجة صديقها من حبيبته الجديده كيمي أو " كاميرون دياز" في فيلم " زواج صديقي العزيز" أو My Best friend’s wedding هذا الفيلم الذي عرض في التسعينات من القرن الماضي ولقي نجاحا ساحقا والفيلم يعكس لنا واقع نعيشه الآن والذي أصبح أسهل مع إنتشار و رواج الشاشات ومواقع التواصل الإجتماعي ...